عكا… تعيين الطبيبة العكية تيماء محمد مي باحثة رئيسة بقسم جراحة سرطان المبيض في مستشفى هارفارد التخصصي

القدس العربي

عيّنت إدارة المستشفى الجامعي التخصصي التابع ‏لجامعة هارفارد في الولايات المتحدة بروفيسور تيماء محمد مي، طبيبة فلسطينية من مدينة عكا، داخل أراضي 48، رئيسة لقسم جراحة سرطان المبيض.

والطبيبة هي كريمة أستاذة علم الاجتماع البارزة خولة أبو بكر. وشغلت حتى الآن وظيفة طبيبة وجرّاحة رائدة في تخصص الأورام النسائية في مستشفى ‏الأميرة مارغاريت ومركز علاج السرطان في تورنتو، كندا. كما شغلت ‏منصب نائبة رئيس قسم جراحة الأورام. كذلك سبق أن تولّت رئاسة البنك الطبي للمصل ‏الحيوي للسرطان، وشغلت وظيفة المديرة السريرية لبرنامج أورام ‏المبيض في شبكة العلاج الجامعية، ومنصب عضو الفريق ‏التنفيذي لرئيس الوزراء في كندا، ورئيسة مجموعة الأورام النسائية في أونتاريو، وقائدة جراحة الأورام الإقليمية في مركز ‏علاج السرطان، وانضمت عام 2013 لشبكة العلاج الجامعية.

 وعلى المستوى الوطني في كندا، تشغل بروفسور تيماء محمد مي وظيفة رئاسة جمعية الأورام النسائية في كندا، الوحدة التنفيذية، وهي عضو في مجلس ‏الإدارة، وعضو في اللجنة التنفيذية، والرئيسة السابقة للمؤتمر العام السنوي للجمعية. وسجلت بروفيسور تيماء براءات إجراءات جراحية على اسمها، وكانت رائدة في تنفيذ وتدريس وإجراء أبحاث عليا، ولديها تخصّصان طبّيان، حيث أنهت جراحة ونساء في جامعة تورنتو عام 2010، ‏وقبل ذلك أنهت ماجستير في العلوم عام 2008، وأنهت تخصصاً إضافياً في طب الأورام النسائية، عام 2013، والآن ستعود لهذا المستشفى لترأس القسم الذي تخصصت فيه.

.

فرحة الأم

وعبّرت والدتها الأستاذة الجامعية خولة أبو بكر عن فرحتها الكبيرة بتعيين ابنتها رئيسة للقسم المذكور. وفي حديث لـ “القدس العربي” قالت أبو بكر، وهي ابنة لعائلة أصلها من بلدة يعبد في الضفة الغربية قدمت لعكا قبيل نكبة 1948: “بهذا تكون قد وصلت كريمتي لقمة الهرم المهني كطبيبة جراحة مختصة في جراحة سرطان المبيض، ‏وقمة الهرم كباحثة وأستاذة جامعية في جامعة هارفرد. مبروك لغاليتي ابنتي تيماء، مبروك للنساء الكفؤات القديرات، مبروك للمرأة التي تنجح في أن تكون ما تريد، مبروك لمجتمعنا وشعبنا عندما ‏يؤمن أن المرأة تستطيع أن تكون ما تريد. أجمل ما يمكن أن أنشره في آذار هو هذا الخبر عن ابنتي، وهي رمز لكل امرأة فلسطينية وعربية تربّت على أنها تستطيع أن تكون دائماً ما ‏تريد.‏ ليس أجمل من هذا الخبر عن طبيبة جراحة مهنية فلسطينية تتبوّأ رأس الهرم المهني والأكاديمي في العالم وصلت له بكفاءاتها ‏وعملها الجدي”.

.

ابنة طبيب الفقراء

وقبل أربع سنوات حازت  تيماء مي (49 عاماً) على درجة الأستاذية الكاملة في مجال الطب من جامعة تورنتو الكندية، سائرة على طريق والدتها الأستاذة الجامعية البروفيسور خولة أبو بكر، ومكملة طريق والدها الطبيب الراحل، ابن مدينة عكا داخل أراضي 48، والمعروف بـ “طبيب الفقراء”. وتوضح الأم، الباحثة في مجال علم الاجتماع، والمختصة بمعالجة مشاكل الأفراد والأزواج والأسرة، أن الدكتورة تيماء جراحة ومعالجة سرطان، أنهت دراسة الطب في جامعة ماك جيل في مونتريال، كندا، قبل حيازتها على ماجستير في البحث الطبي من جامعة تورنتو. وتضيف: “أنهت تخصص نساء، ثم تخصص جراحة في مستشفى مونت سايناي في تورنتو، وبعدها أنهت تخصص علاج وجراحة السرطان في المستشفى التابع لجامعة هارفارد”.

وأوضحت أن كريمتها تيماء ولدت في مدينة عكا عام 1974، وأنهت تعليمها الابتدائي في مدرسة الأمل في مدينتها، ثم انتقلت للمدرسة الإعدادية الشاملة في مدينة الأسوار، وفي المرحلة الثانوية انتقلت للمدرسة الأرثوذوكسية في حيفا.

ورداً على سؤال، تضيف الوالدة أبو بكر أنه منذ أن كانت في صف خامس ابتدائي شاركت في مخيمات صيفية رائدة خارج البلاد، وتربّت على أن العلم واسع، ولا حدود في الطريق لتحقيق الذات. كما تستذكر أنها حرصت على توفير جميع قصص الأطفال العربية والأجنبية المناسبة للتطور العاطفي والاجتماعي والذهني، وجميع الألعاب الإبداعية التي تشجع التجارب العلمية المناسبة لكل مرحلة عمرية لها ولشقيقتها.

.

الإصغاء للصوت الداخلي

بعد المدرسة الثانوية انتقلت تيماء لمونتريال، وبدأت مسيرتها الأكاديمية هناك بنجاح، وعملت معيدة في موضوع التشريح وهي ما زالت طالبة. وتقول والدتها إن تيماء، المقيمة الآن في كندا، قد أحبّت منذ طفولتها الرسم والفنون، وخاصة النحت في الخشب والنجارة. وتتابع: “كانت ميولها فنية وعلمية في نفس المقدار، وقد قبلت في الجامعات في موضوعي الطب والهندسة المعمارية، وفي البداية درست الفن المعماري لمدة أسبوع، لكنها ما لبثت أن استقرت في كلية الطب والعلوم الطبية”.

ورداً على سؤال حول تأثير مسيرة والديها على خياراتها العلمية، تنوّه الأستاذة أبو بكر أنه خلال تربيتها كانت تؤكد لها أن عليها الإصغاء لصوتها الداخلي، وأن تكون أمينة لميولها ولقدراتها، وليس مطلوباً منها أن تنفّذ، أو تحقق أحلام أي شخص، بمن فيهم والدها المرحوم الدكتور محمد مي أو والدتها، لأننا نحبها ونقبل اختياراتها، ونحترم مهنتها أياً كانت، ما دامت تفيدها وتفيد مجتمعها من خلالها.

وتشير أبو بكر إلى أن الطبيبة فائقة الذكاء، وتمتاز بذكاء عاطفي واجتماعي متطور، تدرس المواضيع الصعبة بسهولة، وتنهي قراءة رواية من مئات الصفحات خلال بضع ساعات، منوهة بأن هذه المهارات ساعدتها على التطور، وعلى أن يرى جميع رؤسائها قدراتها الخاصة، وعلى ضمها لمشاريع بحثية رائدة عندما كانت لا تزال في مراحل مبكرة من تخصصها.

ويعرب أهالي عكا عن فرحتهم بهذا الإنجاز لكون تيماء ”بنت البلد”، ومن مدينتهم، ولأنها كريمة طبيب اتّسم بإنسانية كبيرة كانت خلف وصفه بـ “طبيب الفقراء “.

ويوضح علي زيبق، صحافي من عكا، لـ ”القدس العربي” أن والد تيماء، الطبيب الراحل محمد مي، كان يمتلك عيادة في مدخل السوق العمومي داخل عكا القديمة، وكان يملك بيتاً واسعاً في المنطقة الغربية، قبالة ساحل البحر الأبيض المتوسط. ورداً على سؤال يتابع زيبق: “أشعر بالفخر والاعتزاز بما تحققه بنت البلد تيماء من نجاحات، ونحن كعائلة فقيرة كان والدها يعالجنا جميعاً مجاناً، بل كان يوفر الدواء للفقراء والمسحوقين دون مقابل، علماً أن هؤلاء الغالبية العظمى من سكان عكا العرب. طبعاً ولي الفخر أن أستذكر تجربتنا الشخصية معه، فهذا أقل واجب لإنسان قدّم الكثير من أجل مجتمعه”.

ويوضح محمد نوباني (أبو أحمد)، من بلدة المكر، وهو حلاق يعرف الراحل الدكتور محمد مي جيداً، خاصة أنه اعتاد على زيارته في صالونه في آخر سنواته، ويقول إنه فعلاً يستحق هذا اللقب الوسام الكبير “طبيب الفقراء”. ويوضح أن الراحل محمد مي كان الطبيب الوحيد قبل عدة عقود في المنطقة، وكان مرضى من قرى المكر والجديدة ومجد الكروم وكفر ياسيف ودير الأسد وغيرها يتعالجون في عيادته، حيث يقدم الخدمات الطبية للمحتجين مجاناً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
جديد الأخبار