الزيادة السكانية بمصر.. هل تمنعها دعوة السيسي لتأجيل الإنجاب؟

السيسي اعتبر أن معدلات النمو لا تتناسب مع الزيادة السكانية، وهناك عجز متراكم على مدار 50 و60 عاما، وأنها سبب تردي الوضع الاقتصادي، مشيرا إلى أن عدد السكان زاد 14 مليون نسمة منذ توليه الحكم منتصف عام 2014.

الرئيس المصري يولي اهتماما كبيرا بقضية الزيادة السكانية باعتبارها “أم المشكلات” (الفرنسية)

القاهرة

يولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اهتماما كبيرا بقضية الزيادة السكانية ويعتبرها “أم المشكلات” في المجتمع المصري، والمسؤولة عن تردي الخدمات الصحية والتعليمية والعائق أمام الدولة عن النمو الاقتصادي.

وطرح السيسي، خلال إطلاق فعالية المشروع القومي لتنمية الأسرة بمركز المؤتمرات الدولية “الماسة” بالعاصمة الإدارية الجديدة، فكرة تأجيل الإنجاب للأزواج الجدد لمدة عام أو عامين لحين التكيف على الوضع الأسري الجديد.

end of list

ودعا المتزوجة حديثا إلى التريث سنة أو اثنتين قبل قرار الحمل والإنجاب لحين التعود على البيت الجديد ومتطلباته والشعور بالقدرة على التكيف، واستيعاب الوضع الجديد حتى لا يحدث خلاف ثم طلاق مع وجود طفل، مضيفا “أنا عملت كده (كذلك) مع بنتي”.

واعتبر السيسي أن معدلات النمو لا تتناسب مع الزيادة السكانية، وهناك عجز متراكم على مدار 50 و60 عاما، وأنها سبب تردي الوضع الاقتصادي، مشيرا إلى أن عدد السكان زاد 14 مليون نسمة منذ توليه سدة الحكم منتصف عام 2014.

 

مشروع قومي

يركز (المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021-2023)، الذي دعا إليه السيسي في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، على الموضوعات والشواغل الاجتماعية الأساسية الخاصة بالأسرة من جميع الجوانب الصحية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية وغيرها.

وتتضمن خطة المشروع، الذي يتم تنفيذه على مدار 3 سنوات خلال الفترة من عام 2021 وحتى 2023، العمل على عدة محاور اقتصادية وخدمية وثقافية وتشريعية وإعلامية وتوعوية، وتشمل جميع أنحاء الجمهورية، مثل:

  • التمكين الاقتصادي للسيدات في الفئة العمرية من 18 حتى 45 سنة من خلال توفير فرص العمل وكسب الرزق، وتحقيق الاستقلالية المالية.
  • توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان للجميع، مع المتابعة المستمرة.
  • إنشاء منظومة إلكترونية لميكنة خدمات صندوق تأمين الأسرة، وربطها بوحدات صحة وتنمية الأسرة، وأخرى لتقييم أداء الخطة.
  • رفع وعي المواطن بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية.
  • تأسيس صندوق حكومي لتأمين وتنمية الأسرة، يمنح حوافز للأسر الملتزمة بمحددات ضبط النمو السكاني.

الساعة السكانية

بلغ عدد سكان مصر بالداخل (103 ملايين نسمة) يوم الثلاثاء الموافق 22/2/2022، وفقاً لما أعلنته الساعة السكانية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المرتبطة بقاعدة بيانات تسجيل المواليد والوفيات بوزارة الصحة والسكان.

وقد أوضحت البيانات الأولية أن عدد المواليد المسجل لعام 2021، وفقاً لبيانات التسجيل الإلكتروني، بلغ 2.159 مليون بانخفاض حوالي 76 ألف مولود مقارنة بعام 2020، وبنسبة انخفاض قدرها 3% فقط.

ويرى هذا الجهاز أن استمرار المستويات المرتفعة للإنجاب (2.9 طفل لكل سيدة) سوف يؤدي إلى زيادة عدد السكان إلى 124 مليون نسمة عام 2032 مقابل 117 مليونا إذا انخفضت مستويات الإنجاب إلى 1.6 طفل لكل سيدة.

 

هل يتقبل المجتمع فكرة تأجيل الإنجاب؟

طرْح السيسي قضية الزيادة السكانية كأزمة في المجتمع تلتهم أي جهود للتنمية ليس بالجديد، لكن هل تأجيل قرار الإنجاب بداية الحياة الزوجية يساعد في ضبط الزيادة السكانية، وهل يتقبل المجتمع فكرة تأجيل الإنجاب في ظل الموروث المجتمعي المترسخ؟

تعتقد أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتورة سامية خضر أن مصر دولة شابة أي أن نسبة الشباب تقترب من 25% من عدد السكان “لكن نعاني من ارتفاع نسبة الأمية والتي تراجعت إلى نحو 25%، وبالتالي فهي زيادة تشكل عبئاً على الاقتصاد القومي ويتولد عنها العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتمثل تحدياً كبيراً أمام جهود الدولة المستمرة في مجال التنمية”.

واعتبرت، في حديثها للجزيرة نت، أن أي تنمية سوف تلتهمها الزيادة السكانية، رغم كل الجهود الذي يقوم بها الرئيس في المجالات كافة والتي لن تنعكس بشكل إيجابي وواضح على مستوى معيشة المواطن، مؤكدة أن يدا واحدة لا تكفي ولا بد من عودة تأثير القوى الناعمة المتمثلة في الأعمال الثقافية والتنموية التي تؤثر في وعي المواطنين وتأتي بنتائج إيجابية في تحقيق المرجو منها، ولذلك يجب تعظيم هذا الدور المهمل.

ورأت خضر أن تأجيل الإنجاب بداية الزواج فكرة جيدة، وأنها طبقتها بداية حياتها الزوجية والدراسية والعملية ونجحت في موازنة الأمور، ولكنها استبعدت استجابة الناس لها بالشكل المطلوب بسبب ارتفاع نسبة الأمية، وهيمنة الموروث المجتمعي، وانتشار ثقافة الإنجاب مبكرا في الريف.

 

حوافز ومزايا وقانون في الطريق

بدوره أيد أستاذ علم الاجتماع، الدكتور أحمد مجدي، فكرة تأجيل الإنجاب. وقال، في تصريح صحفي، إن تأجيل الإنجاب سنة أو سنتين سوف تساعد بالفعل في خفض عدد السكان، لأن الزواج لا بد أن يكون مستقرا أولا، وهذا لا يحدث في السنة الأولى من الزواج، التي تبدأ فيها العلاقات بين الزوجين في الظهور بشكل أفضل من خلال تعرضهما للمشاكل.

ومن ناحيتها وصفت وكيلة لجنة المشروعات الصغيرة بمجلس النواب، النائبة هالة أبو السعد، المشكلة السكانية بأنها “قضية مصيرية” وقالت في تصريحات صحفية “آن الأوان الانتهاء من قانون الزيادة السكانية” مشيرة إلى أن اللجان البرلمانية انتهت من مناقشته بحضور كافة الأطراف الحكومية والوزارية المعنية، وأبدت ترحيبا شديدا بهذا القانون.

بدوره كشف الدكتور طارق توفيق نائب وزير الصحة لشؤون السكان، خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية المحلية “أن هناك مشروع برنامج للحوافز الإيجابية المؤجلة بهدف تغيير دوافع السيدات لزيادة الإنجاب”.

نعمة لا نقمة

في المقابل، لا يتفق عضو لجنة الإسكان بالبرلمان سابقا، عزب مصطفى، مع تحميل الزيادة السكانية تردي الوضع الاقتصادي وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وتهالك البنى التحتية، قائلا “الفساد هو سبب كل ما سبق وليس الزيادة السكانية، وإدارة البلاد بعقلية الجباية وليس الإنتاج”.

وأكد للجزيرة نت أن الزيادة السكانية قضية إيجابية وليست سلبية، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في اعتبارها عبئا على الاقتصاد، وستظل كذلك طالما تنظر لها الأنظمة على أنها عبء وليست قوة بشرية بحاجة إلى إدارة حكيمة وسياسات رشيدة توجهها وتستغلها بشكل أمثل وبطريقة أفضل، بل هناك دول تقدم حوافز لزيادة الإنجاب.

وتوقع عزب أن تفشل كل الجهود الرامية لخفض عدد السكان أو تأجيل الإنجاب بسبب عدم وثوق الغالبية من المواطنين في وعود وأداء الحكومات المتعاقبة، وتساءل: حتى لو توقف النمو السكاني فهل بمقدور الدولة أن توفر حياة رغيدة لـ 103 مليون مواطن؟

 

تفاعلات

وتفاعل مواطنون مع تصريحات السيسي حول الزيادة السكانية، ولكن كالعادة انقسموا بين مؤيد لما ذهب إليه الرئيس من أنها السبب الحقيقي في عدم شعور المواطن بما يتحقق على الأرض من إنجازات، وبين معارض أكد أن القضية تستخدمها الأنظمة عبر الزمن شماعة (مشجبا) لتبرير فشلها في تحسين مستوى مواطنيها.

المصدر : الجزيرة

 

 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار