صورة نادرة لخان الشاه وردة في عكا

 

صورة نادرة لخان الشاه وردة في عكا

الخان هي كلمة أعجمية تدل على الفندق في عصرنا الحديث، وهي موضع راحة المسافرين، الخانات لفظةٌ فارسيّة الأصل، أُطلِقت على مكان مبيت المُسافرين.

الخانات نوعان: الأوّل أقيم على طُرُق السّفر خارج المُدن المتباعدة، والثاني داخل المدن والتّجمعات السكنية.
كان النّوع الأوّل يُبنى في بادئ الأمر على منابع المياه ومجاري الأنهار؛ ويبتعد الواحد من الآخر مسيرة نهارٍ، أيّ ما يقارب الثلاثين كيلومترًا. وكان الخان يقدّم الخدمات للتّجار والرّحالة والمُسافرين كافةً، ويوفّر لهم الراحة ويجنّبهم مشقّة ومخاطر السّفر ليلاً.
يضمّ الخان مستودعات لحفظ البضائع وإسطبلاتٍ مختلفةً لإيواء العربات وأنواع الحيوانات التي لا تتجانس في الزّرائب. فالخيول تأنف من روائح الإبل. والبغال لا تسكن مع الحمير. وكانت الإسطبلات مجهّزة بلوازم إصلاح المركبات ومعدات للعناية بالدّواب ورعايتها. وإلى جانب تلك المرافق والخدمات، هناك الحوض في وسط الصّحن ومشرب البهائم، الفرن والمُصلى، وكذلك الحمّام.
استُعمِلَت في بناء الخانات مواد تغيّرت مع الموقع. فقد تكون من طينٍ أو من قرميدٍ مشويّ أو نيء، في العراق وإيران ومصر، أو من حجارةٍ كلسيةٍ أو بازلتيّة في الشّام وتركيا. أمّا من حيث التّصميم، فكان الخان مربع المسقط، إجمالا وغالبًا بطبقتين اثنتين، تحتلّ أركانه أبراج للمراقبة والدّفاع. وقد يحيط به سور خارجي مدعّم وبوابة مصفّحة ضخمة محكمة الإغلاق ليلاً، وكأنّه حصن صغير. وكانت غرف المسافرين موزّعة بين الطّبقتين أو في العليا فقط. وفي بعض الخانات المتواضعة، كانت قاعة النّوم مشتركةً يرقدُ فيها المسافرون، على منصّاتٍ مرتفعةٍ عن الأرض. وكانوا يجلسون عليها نهارًا.
ومن الملاحظ أنّ خانات السّهول كانت أوسع من خانات الجبال. كما كانت خانات البلاد الباردة تخلو من الصّحن المكشوف. ولقد أخذت الخانات إجمالا، بعد انتشار الإسلام، تصميمين رئيسين: الأوّل إيراني بِقَاعاتٍ متطاولةٍ موازية للصحن المركزي. ولكنّ هذا التّصميم ما لبث أن أخذ شكل الأواوين. وقد احتلت البوابة في عمارته مركزًا على جانبٍ كبيرٍ من الأهمّية. أمّا التّصميم الثاني فهو بأربعة أضلاعٍ وصحنٍ مركزيٍّ تحيط به الأروقة، قديم العهد، يعُرَف بالطّراز البحر الأوسطي.
أمّا النّوع الثاني فكان خانات المُدن التي كانت تشترك مع خانات الطّرق في ما تقدّم من خدماتٍ؛ وتضمّ مرافق، وتختلف عنها في أخرى، إضافةً إلى ما كان يمكن أن تقدّمه المدينة بشكلٍ أفضل لزوّارها، كالحمام والمسجد والمطعم وشغل البيطار وغير ذلك من الضّروريات والكماليات. وكما كانت خانات الطّرق تمثّل المحطّات الحسّاسة على مفارق الطّرق ومجاري المياه ومراكز الحدود، لذلك احتلّت خانات المُدُن مداخل المدن، خارج السّور أو داخله أيام السّلم وفي قلب الأسواق وجوار الحمام والمسجد.
كانت وظيفة الخان في المدينة استقبال التجار بشكلٍ عامٍ، من باعة الجُملة ومُروّجي البضائع ومراسلي المستوردين والوسطاء. وفي هذا المكان كان يتمّ البيع والشّراء، وكأنّ المكان لم يعد لإيواء المُسافرين بل استقبالهم ريثما يتمّون تجارتهم. وكما كان لكلّ بضاعةٍ دار، صار لها خان يرتبط اسمه بها، إن لم يرتبط بإسم مؤسّسه أو مالكه؛ فهنالك خان الحرير وخان الحبالين في دمشق، وخان الجوخ في استنبول، وخان الخيّاطين والصّابون في طرابلس، وخان الزّيت وخان الحرير في حلب.
تصميم خان المدينة، بشكلٍ عامٍ، لم يتغيّر على مرّ العصور. فأخذ تخطيط صحنٍ مركزيٍ مكشوفٍ يتوسّطه حوض. وتحيط بالصّحن بوائك أُقيمت الدكاكين تحتها، لتبقى أبوابها محميّةً من الحرّ صيفًا ومن المطر شتاءً. ومن النّاحية الإدارية، قد يكون الخان مؤسّسةً دينيّةً مرتبطةً بوقفٍ يُحوّل ربعه لصيانة مدرسةٍ أو مسجدٍ أو إطعام مسكينٍ أو فقيرٍ.
لم يبق من كلّ تلك الخانات إلاّ عدد قليل؛ واقتصرت خدماته على استعمال مستودعاته ودكاكينه من قبل مستأجرين، لا تجمعهم إلاّ نادرًا تجارةٌ مشتركةٌ أو مِهَنٌ واحدةٌ، وربّما سكنت غرفةً عائلاتٌ فقيرةٌ.
فالخانات إذًا هي الأبنية المخصّصة لإقامة المسافرين وقوافل التّجار، وهي لها أهمّيتها الخاصة في العمارة الإسلامية، حيث عُرِفَت منذ العصور الإسلاميّة الأولى.
اشتهرت الخانات بواجهاتها المُزيّنة بزخارف جميلةٍ ومداخلها القوسيّة الضّخمة التي كانت تُغلَق بواسطة مصرعيّ بابٍ خشبيٍّ مصفّح بالحديد والنّحاس. وأصبحت أكثر باحاتها مسقوفة بالقباب والعقود. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار