متنفَّس عبرَ القضبان (102)… حسن عبادي

متنفَّس عبرَ القضبان (102)

حسن عبادي/ حيفا

.

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛تبيّنليأنّالكتابةخلفالقضبانمتنفّسللأسير،ودوّنتعلىصفحتيانطباعاتيالأوليّةبعدكلّزيارة؛

عقّبت ولاء صوالحة (أخت الأسيرة إخلاص): “جنين يا اسماً على مسمى طبتِ وطاب أصلك يا بنت الأكابر. الله يفك أسرك أنت وإخلاص وآية وجميع الأسيرات الحرّات الشريفات.

يجب علينا شكرك أستاذنا القدير حسن عبادي لاطمئنانك الدائم لنا ولهنّ، فالأسيرات جميعهن أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا دمت بخير“.

وعقّبت أم رامي السلايمة (والدة الأسير الجريح محمد محمود السلايمة): “حسبنا الله ونعم الوكيل، يا ريت العالم العربي الأعمى الأصم، يرى كيف تُعرّى الحرائر في كل وقت وحين من قبل عصابات أحقر البشر. اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وفرج عن أسيراتنا وأسرانا بالقريب العاجل“.

وعقّبت الأسيرة المحرّرة لمى خاطر: “ربنا يفرجها على جنين الجدعة وعلى كل الأسيرات والأسرى. والشكر دائم لك أستاذ حسن على جهودك وعلى إدامتك لهذه النافذة التي يطلّ عبرها الأهل والناس على الأسرى والأسيرات، في ظل هذه العزلة التي تعيشها السجون“.

وعقّب الصديق إبراهيم الخطيب أبو وسيم من الشتات: “لك التحية ولابنة شعبها عبير قواسميانت ابنتي تدفعين ثمن أنك فلسطينية وثمن ثاني لان جدك عزيز الدويكالمجاهد الفلسطيني العنيدلك ولكل أسرانا الحرية“.

وعقبّت أم جميل (والدة الأسيرة براءة): “الحرية لجميع الأسيرات، يوم عن يوم بناتنا يثبتون أنهم أقوياء، بوركت جهودك أستاذ حسن لن تتخلى عن أسرانا في زمن تخلى عنهم الكثير.

وعقّبت رهف العبد الله: “عرينة يا حبيبة قلبي قديش اشتقتلك يا روحي. تركت جواتي أثر وعمق كبير قبل ما يعتقلوك بس بساعة بالزبط كنّا نحكي، قديش كنّا نخطط تفتح الجامعة ونروح نغيّر جو، حكينا كتير ضحكنا كتير، بس ما كنت أعرف حتغيبي عني وحشتاقلك كتير. لو كنت بعرف ما تركتك لحظة، لو كنت بعرف كان ضليت معك 24 ساعة لو كنت بعرف لخبيتك جواتي، كنت تضلي تحكي للكل بالجامعة هاي غزاوية، تحكيلي معجوقة أكتر منك عشانك غزاوية كنت تكوني مبسوطة أكتر مني اني غزاوية واني صاحبتك، قديش كنت ارتاح لما نحكي وننبسط قديش خططنا بس تخف الحرب شو نعمل، قديش اشتقتلك يا عرين، قديش فقدت كل لحظة معك يا حبيبة روحي، كلماتك وجعت قلبي تخيلتك قدامي، بس بعرف انك رغم انك عيوطة قوية كتير، في حفظ الله وفي دعائنا دايمًا يا حبيبة قلبي، الله يهونها عليك وع جميع الأسيرات والأسرى ويقر أعيننا بشوفتكم

وجعت قلبي كتير، اشتقتلك كتير كتير، الله يقر عينيّ بشوفتك يا حبيبتي

نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوانصفّرنا الدامون“… وخاب أملي.

عُدت لزيارة الدامون لأسمع عن الانتهاكات المستمرّة بحق حرائرنا؛

عدت لأسمع حكايات جامعيّات تمّ اختطافهن من مقاعد الدراسة؛

عدت لأسمع حكايات الترهيب داخل غياهب السجون فبات الإنشاد جريمة؛

وصور مشهد الاعتقال والتحقيق والتعذيب في الساعات الأولى لفقدان الحريّة؛

وطقوس التفتيش العاري، الفردي والجماعي، وقلقهن إذا كان المشهد مصوّراً؛

وساديّةالمحقّقينوحِقدالمجنّدات؛

والألفة والمحبّة بين الأسيرات وطقوس استقبال أسيرة جديدة؛

وسعادتهنلتعلّمشيءجديدفيالأسر؛

وتوق الأسيرات لأخبار الأهل وغزة وما يجري في الخارج؛

وشوقهنلرسالةطمأنةمنالأهلوأنهنغيرمنسيّات؛

وقساوة الاعتقال وظروفه السوداوية.

ولبسة الترويحة من ساعة الاعتقال الأولى؛ 

كلّ ذلك رغم مأساويّة المشهد، ومن الألم والمعاناة يولد الأمل بغدٍ مشرق وأفضل لبلادنا.

أحِنّ إلى خبز أبي

زرت صباح يوم الأربعاء 17 كانون الثاني 2024 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة جنين محمد طه عمرو من دورا/ الخليل (مواليد 27.04.2002)، أطلّت مبتسمة يرافقها 3 سجّانين، ومباشرة قرأت على مسامعها رسالة والدها (وعلاماتها الجامعيّة، طالبة هندسة زراعية، سنة رابعة، جامعة الخليل) فدمعت عيناها فرحة وصاحت: “هذا بفشّ القلب“.

وظهر الخميس، 18 كانون الثاني، إلتقيت بأسيرة خليليّة أخرى؛ عرين مروان عبد الرؤوف القواسمي (مواليد 09.09.2003)، جامعيّة، سنة ثالثة، مولتيميديا، جامعة الخليل.

حدّثتني جنين عن زميلات الزنزانة (شهد، أنغام، عرين، براءة، ملاك، أميمة، تمارا، آية، نوال، حليمة)، وصوّرت لي وضع زميلات الأسر؛ الاكتظاظ الكبير وخمس أسيرات في زنزانتها يفترشن الأرض، كميات الأكل القليلة (بسّ بسكّت جوع)، تجويع وتبريد متعمّد، وهناك أسيرات كثيرات بدون غياربغسلن الملابس الداخليّة وبلبسنها مبلولة، أو يغسلنها قطعة/ قطعة وبتظّل بدون تا ينشف، لابسة جاكيت آية، بيجاما إجت معها من البيت، بابوج أميمة، المنديل من الصبايا، زوّدتها آية حين وصولها بغيار داخلي إضافي وتنازلت عنه للأسيرات الجدد، طقم صلاة واحد لكلّ الغرفة وبتناوبن عليه، ووضع الكانتيناإجوا مبارح وعرضوا على آية تدخّل إلها أغراض ناقصة فرفضت قائلة: بدّي للبنات!”… وأخبرتني أنّ إدارة السجن زوّدتهن ببخّاخات ضد القمل.

حدّثتني جنين عن ساعة الاعتقال؛ تسكير الغرفة على الأهل واقتحام الجنود لغرفة البنات، مع أضواء البواريد، سحبتها مجنّدة لغرف أخرى وتم تعريتها وتفتيشها، اقتيادها بالجيب لثكنةالمجنونةالعسكريّة، وهناك تم وضعها في كرفان مع ماتورات صاخبة، معصّبة العينين ومكلبشة للوراء، وثاني يوم إلى عوفر البغيض،المجنّد صرخ بي: نزّلي راسك، وحاول يركّعني، رفضت، مسكني من رقبتي ونزّل راسي بالقوّة، ظلّ ماسكني من رقبتي، مسكة كمّاشِة، وأنا مكلبشة، ووجهي مغطّى، بِمشي بسرعة، وأنا مش شايفة، مرّة بخبطني بالحيط، ومرّة بتعرقَل بالدرج، ضرب كلّ الوقت، أنتخماس وإرهاب، مسبّات قذرة، دخّلني زنزانة وخبطني بالحيط بقوّة، ولما أدخلوا الصبايا تروحنِتْ، الغرفةثلّاجةوالسقعة من الجدران“.

وصلنا الشارون وتم تفتيشنا عارياً وبالكامل، وبعد تعريتي تم ضربي وتخبيطي بجهاز كشف المعادن، وخاصة السجّانةالسمراء العقربة، كنا 6 بنات بالغرفة، 4 فرشات و4 بطانيات، برد كثير وحاضنات بعض. صباحية اليوم الثاني تفتيش عاري بالكامل، جماعي، 6 أسيرات، وغضّينا الطرف! وحين وصول الدامون تم تفتيشها العاري مرّة أخرى.

أوصلت عبر جنين رسائل الأهل لبناتهم، وأملت عليّ رسائل الصبايا لأهاليهن.

أوصلت عبر عرين رسائل الأهل لبناتهم، وعبطات وبوسات ولاء لأختها إخلاص بمناسبة عيد ميلادها هي، وأملت عليّ رسائل الصبايا لأهلهن.

فجأة قالت عرين: “من أول ما وصلت الدامون اخترت لبسة الترويحة“!

طلبت جنين إيصال سلاماتها للعائلة، حلمت أن والدها طعماها خبز طابون من صنع يداه، ورسالتها لوالدتهاالبنات عندي بالغرفة كثير مناح، بقولي عنّي حنونة، لأنيّ بواسيهن لمّا يعيّطوا“.

وطلبت عرين إيصال سلاماتها للعائلة، فرداً فرداً، وطلبت مرّة ثالثة قراءة رسالة والدتها.

وحين ودّعتها قالت: “بالله عليك، طمنوني على سيدي عزيزوتبيّن لي أنّ جدّها عزيز دويك أسير!!!

لكن عزيزاتي جنين وعرين أحلى التحيّات، والحريّة لكن ولجميع أسرى الحريّة.

حيفا كانون ثاني 2024

                                 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار