حذر كاتب بريطاني في مقال له بصحيفة تلغراف، الدول الغربية من أن أعداءها يتفوقون عليها في صناعة الأسلحة النووية، مما يجعل إعادة بناء قوة الردع أمرا ملحا.
وزعم صموئيل راماني -الزميل المشارك في معهد “رويال يونايتد سيرفيسز” البريطاني- في مقاله بالصحيفة التي توصف بأنها يمينية، أن نشوب حرب نووية أصبح أقرب بكثير مما نتخيل.
وأشار إلى أن لدى الولايات المتحدة إستراتيجية نووية جديدة كُشف النقاب عنها في مارس/آذار عندما وافق الرئيس جو بايدن على خطة إستراتيجية نووية شديدة السرية لمواجهة الخطر المتعاظم الذي تشكله ترسانة الصين النووية.
تحييد الخطر
وأفاد الباحث في مقاله أن الخطة الجديدة بعنوان “إرشادات استخدام الأسلحة النووية” -والتي ستُرفع عنها السرية أمام الكونغرس قبل مغادرة بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل- تكشف عن كيفية تحييد الخطر من احتمال أن تشن الصين وروسيا وكوريا الشمالية ضربات نووية منسقة ذات يوم.
ويرى الكاتب أن هذه الإستراتيجية، رغم كونها تعد خطوة مشجعة نحو الأمام، فإنها “صغيرة للغاية وجاءت في وقت متأخر جدا”.
وادعى أنه عندما تولى بايدن السلطة في يناير/كانون الثاني 2021، كانت الصين تمتلك 400 رأس نووي. وبحلول أواخر عام 2023، زادت ترسانتها النووية إلى 500 ويمكن أن تتضاعف إلى ألف بحلول عام 2030.
ووفق راماني، فإن هذا التوسع ينم عن دعم الرئيس الصيني شي جين بينغ للجهود الرامية لتعزيز قدرة مؤسسة بلاده العسكرية على “القتال والانتصار في الحروب الحديثة”.
الردع الدبلوماسي
وقال إن الولايات المتحدة آثرت انتهاج الدبلوماسية على الردع، في مواجهة التحدي المتنامي من جانب الصين.
ولعل الأمر الأكثر مدعاة للقلق -في اعتقاده- هو أن الولايات المتحدة كانت أكثر سلبية في ردها على تطوير كوريا الشمالية قدراتها النووية. وفي مقابل تصدير الملايين من قذائف المدفعية وصواريخ هواسونغ 11 الباليستية إلى روسيا، طلبت كوريا الشمالية المساعدة الروسية في تطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية.
ونظرا لادعاء روسيا بأن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية يقع ضمن معايير الدفاع المشروع عن النفس، فمن الممكن أن تدعم طموحات بيونغ يانغ لتحديث القوة النووية، كما يعتقد راماني.
وأشار المقال إلى أن وزارة الخارجية الأميركية ردت على هذه النزعة “العدوانية” بتشديد العقوبات ضد كيانات في روسيا والصين يُزعم أنها تساعد برامج أسلحة الدمار الشامل في كوريا الشمالية.
الصبر الإستراتيجي
لكن هذه العقوبات -برأي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية- ليس لها قيمة ردع تذكر ولم تقترن بأي اتصالات دبلوماسية مع بيونغ يانغ أو تدابير عسكرية مضادة ملموسة.
ويزعم راماني أن نهج بايدن يشبه إلى حد “مخيف” خطة “الصبر الإستراتيجي” التي انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما، والتي مهدت الطريق أمام سياسة حافة الهاوية النووية غير المسبوقة التي اتبعتها بيونغ يانغ في عام 2017.
ويمضي إلى القول إن الولايات المتحدة تبدو أقل استعدادا بكثير لمواجهة التهديد النووي طويل المدى الذي تفرضه روسيا على عسكرة الفضاء، مشيرا إلى أن صاروخا من طراز سويوز انطلق، في مايو/أيار، من قاعدة بليسيتسك الفضائية في شمال غربي روسيا ووضع 9 أقمار صناعية على الأقل على مدار منخفض حول الأرض.
وقد تكون الخطوة التالية لروسيا هي إطلاق سلاح مضاد للفضاء قادر على حمل أسلحة نووية، بحسب الكاتب.
فجوة استخبارية
وشدد راماني على ضرورة العمل على تصحيح هذه “الفجوة الاستخبارية” بسرعة، وتابع أن تسريع تحديث القوة النووية الأميركية يعد خطوة أساسية أولى لافتا إلى أن وزارة الطاقة تعكف على تحديث الرؤوس الحربية النووية، وتجري حاليا عمليات تحديث لمنصات إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات الرئيسية.
ثم ينبغي بعد ذلك تطبيق نفس النهج المستخدم في تعزيز إنتاج الذخائر والمدافع، على عمليات تحديث القدرات النووية.
ووصف الكاتب دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي بأنه وسيلة مؤكدة بنفس القدر لردع الخصوم النوويين الآخرين.
وأضاف أنه إذا انتهت حرب أوكرانيا بما لا تشتهي روسيا، فإن هذا من شأنه أن يبعث برسالة إلى الصين وكوريا الشمالية مفادها أن “الابتزاز النووي” لن يخيف الغرب ويمنعه من التصدي لعدوانهما، وأن العلاقة بين موسكو وبيونغ يانغ سوف تضعف بمجرد انتهاء عدوان روسيا على جارتها، وهو “السبب الرئيسي وراء الشراكة القوية بين البلدين”.