عام على الحرب
الصناعات العربية المحلية بين السعي للمحافظة على استمراريتها والتعامل مع التحديات التي فرضتها الحرب
– صبحي بشير مؤسس شركة انزيمو كور لبدائل الطاقة:” منذ جائحة الكورونا نعاني من شح في الاستثمارات التي تعاظمت مع اندلاع الحرب مما أثر بشكل واضح على عمليات التطوير”
– وليد عبد صاحب مصنع أي بي بي للمعادن:” مصنعنا في خط المواجهة في كيبوتس أدميت واضطررنا الى نقل النشاط الى منطقة أخرى وتحمل كافة التكاليف مع نقص حاد في الايدي العاملة”
– د. محمد زحالقة رئيس لجنة الصناعات العربية:” نسعى الى تقييم الوضع بشكل اسبوعي لتوفير كافة الحلول والبدائل حفاظا على استمرارية نشاط الصناعات العربية التي تواجه تحديًا حقيقيًا”
مع مرور عام واحد على نشوب الحرب في الجبهتين الجنوبية والشمالية، والتي اثرت بشكل واضح على كافة مناحي الحياة في البلاد، خاصة الناحية الاقتصادية، يواصل اتحاد ارباب الصناعة في البلاد بالعمل في مختلف الأصعدة من أجل الحفاظ على الإنتاج المحلي في شتى المصانع وذلك منعًا لأي تأخير او نقص قد تعاني منه الأسواق المحلية بدء بالمنتجات الغذائية الأساسية، وسائر المنتجات التي تتطلبها كل عائلة.
وكان فرع الشمال في اتحاد ارباب الصناعة ومع اشتداد المواجهة على الحدود الشمالية قد سعى الى عقد العديد من الجلسات لتقييم الأوضاع وذلك بهدف تذليل كافة العقبات امام المصانع لتواصل عملها كالمعتاد حفاظا على خطوط الإنتاج، من جهة، والتغلب على كافة العوائق الأخرى المرتبطة بتأثيرات الحرب غير المباشرة مثل شح الايدي العاملة بعد منع العمال الفلسطينيين من دخول البلاد، وتباطؤ عملية الاستيراد للمواد الخام من الخارج وعقبات عديدة أخرى.
وتحدث د. صبحي بشير المختص في مجال البيوتكنولوجيا ومؤسس شركة انزيمو كور لإنتاج بدائل الطاقة المتجددة واستخدام الانزيمات لصناعة بدائل الديزل مشيرا الى انه “منذ جائحة الكورونا ونحن نعاني من شح في الاستثمارات الأجنبية في الهايتك في البلاد، هذه المشكلة التي تفاقمت شيئا فشيئا وزادت بشكل كبير مع اندلاع الحرب الحالية. نتحدث عن توجه عام يميز الاقتصاد العالمي والذي كان تأثيره أيضا كبيرا علينا في البلاد. شركتنا تختص في تطوير التقنيات وليس شركة منتجة لمنتوج معين، من هنا اعتمادنا الكبير على الاستثمارات من صناديق الاستثمار خارج البلاد”.
وأضاف بشير في هذا السياق أيضا:” هذا التراجع في الاستثمارات أثر بشكل كبير على شركات الهايتك في البلاد وتحديدا على الشركات العربية التي طالما وجدت صعوبة في إيجاد الاستثمارات والمستثمرين. قد نجد هنا وهناك بعض المستثمرين بمبالغ بسيطة، هذه المبالغ التي لا يمكن ان تساهم بشكل حقيقي في عمل الشركة التي تسعى الى تطوير التقنيات، مقارنة مع شركات الهايتك في المجتمع اليهودي التي عادة ما تحصل على استثمارات من قبل مستثمرين بمبالغ حقيقية التي تعتبر منفتحة على استثمارات اجنبية متعددة. من هذا المنطلق وبسبب هذه العوامل كلها، فان صناعة الهايتك العربية تواجه واقعا صعبا بسبب شح الاستثمارات”.
وحول تأثير شح هذه الاستثمارات على الشركة وسائر شركات الهايتك أشار د. بشير:” تقليص هذه الاستثمارات يؤدي الى تقليص اعمال التطوير في الشركات عامة وتقليص الأبحاث والحد من توسيع المنتجات وتجنيد ايدي عاملة إضافية لصالح تقدم وتطوير الشركة. هنالك أهمية كبيرة لشركات الهايتك العربية للتعرف على وجهات جديدة من مستثمرين وصناديق استثمار للتقدم وتوسيع نشاطها”.
اما صاحب شركة أي بي بي؛ وليد عبد، الذي يمتلك مصنعا لإنتاج المعادن التي تدخل في تصنيع المياه، هذا المصنع الذي يتواجد على الحدود الشمالية، فتحدث عن الازمة التي يواجهها منذ اندلاع الحرب الحالية وقال:” مصنعي يتواجد في كيبوتس ادميت بالقرب من عرب العرامشة وهي منطقة عسكرية مغلقة. مع اندلاع المواجهة على الحدود الشمالية طُلب مني ان ابحث عن مكان جديد لنقل المصنع او نقل جزء من نشاطه على الأقل، وكان الخَيار نقله الى منطقة معالوت. وعليه قمنا بتقديم خطة مفصلة للجيش لنقل المصنع لنحصل على مصادقة لنقله، وذلك بعد جلسة تمت ما بين اتحاد ارباب الصناعة وسلطة الضرائب ووزارة الاقتصاد، على ان تتحمل سلطة الضرائب تكاليف النقل. لكن للأسف بعد ان قدمنا خطة لنقل المصنع، رفضت سلطات الجيش هذه الخطة بادعاء انه لا يمكن ادخال الرافعات لنقل المعدات الى تلك المنطقة بسبب الخطورة العالية جراء الحرب”.
وتابع عبد حديثه حول هذا الواقع وقال:” كان امامي خياران اما ان أبقى في البيت او ان أكمل حياتي رغم الصعوبات، لذلك قررت شراء بعض الماكينات والمعدات لنقل الإنتاج الى المقر الجديد الذي استأجرته للمصنع في منطقة معالوت. لم نحصل على أي دعم من سلطة الضرائب التي اشارت الى انها من الممكن ان تتحمل تكاليف نقل المصنع، لكن لن تتحمل تكاليف شراء معدات جديدة. الان نتحدث عن مصنع يحتوي على 6 مراكز تصنيع بعد ان كنا نعمل في السابق من خلال 23 مركز للتصنيع، مما يعبر عن التراجع الحقيقي في عمليات الإنتاج وأيضا بعدد العاملين بسبب الحرب”.
واختتم عبد حديثه مشيرا الى ان الوضع ما بعد جائحة الكورونا كان له اثرا كبيرا أيضا على تقدم المصنع خاصة من حيث تقليص الايدي العاملة والجمود في الأسواق العالمية للمناقصات التي تتعلق بتسويق منتجاتنا خاصة في كل من روسيا وأوكرانيا، وهذا تمثل أيضا بتراجع واضح انعكس علينا أيضا. اليوم وتحديدا مع استمرار الحرب، هناك ارتفاع في الطلب لكن وبسبب الظروف التي ذكرتها لا يمكننا توفير هذه الطلبيات بما فيه الكفاية”.
وعن دور اتحاد ارباب الصناعة في هذا التعامل مع هذا الواقع قال عبد ان التواصل مع الاتحاد كان شبه يومي خاصة فيما يتعلق بكافة جوانب القضايا المتعلقة بنقل نشاط المصنع. هذا بالإضافة الى التشاور المستمر مع المهنيين في الاتحاد واقتراح إمكانية تأهيل عمال أجانب لكي يسدوا مكان النقص الحاد في عدد العاملين في المصنع. منذ اليوم الأول نحظى بمرافقة دائمة خاصة فيما يتعلق بالحقوق والتعامل مع القوانين المساعدة والامتيازات التي من الممكن ان نحصل عليها بصفتنا مصنع يواجه حالة استثنائية اذ اننا من ناحية لا يمكننا الذهاب الى مكان المصنع لمواكبة وضعه بسبب الحرب، ومن جهة أخرى لا يمكننا نقله الى مكان أخر بسبب اعلان المنطقة عسكرية مغلقة امام الرافعات.
ومع مرور عام على اندلاع الحرب عقب د. محمد زحالقة رئيس لجنة الصناعات العربية في اتحاد ارباب الصناعة مشيرا الى ان تأثيرات هذه الحرب القت بظلالها على كافة الصناعات في البلاد وبشكل أكبر على الصناعات العربية. وأشار قائلا انه منذ الأيام الأولى من الحرب نعمل على التواصل مع كافة المصنعّين العرب لحصر كافة الاحتياجات خاصة من ناحية توفير الايدي العاملة والتغلب على معيقات الشحن والنقل من والى البلاد. بشكل اسبوعي نجتمع لتقييم الأوضاع وتوفير الحلول والبدائل المتاحة لدينا لتقديمها لأرباب العمل وذلك حفاظا على سيرورة الإنتاج، بما في ذلك التواصل مع الجهات الحكومية وكافة الهيئات الأخرى. اود ان اشير هنا الى ان اتحاد ارباب الصناعة يعمل على سد احتياجات ارباب الصناعة في كافة القطاعات الصناعية بما في ذلك، تطوير خطوط الإنتاج وتقديم الاستشارة فيما يتعلق بالحصول على الاستثمارات والمنح المطلوبة للشركات والمصانع. فقط في الأسابيع الأخيرة عملنا على توفير الأماكن المحمية لعدد من المصانع في شمال البلاد، وذلك للاحتفاظ بالأيدي العاملة فيها وحفاظا على حياتهم، هذا بالإضافة الى خطة تسهيلات تم التوصل اليها بالتعاون مع سلطة الاستثمار لتخفيف العبء عن المصانع التي تعمل في الجنوب بما في ذلك تقديم المساعدات المالية للمصانع هناك. اما الامر الأهم فهو العمل على تسهيل واستيعاب الايدي العاملة من عمال أجانب في شتى القطاعات الصناعية في ظل عدم سماح دخول العمال الفلسطينيين.
واختتم د. زحالقة حديثه وقال:” ما من شك ان هذه الحرب واثارها تعتبر تحدي حقيقي امام الصناعات العربية وعليه نحن نتعامل بمحمل الجد مع كل مشكلة تصل الينا. اسعى خلال الأسابيع القريبة على اجراء جولات في شتى المصانع العربية برفقة المهنيين والخبراء في اتحاد ارباب الصناعة للاطلاع عن كثب على الأوضاع وعرض سلة الخدمات المطلوبة التي يوفرها اتحاد ارباب الصناعة لأرباب العمل من امتيازات ومسارات دعم ومساعدة على ضوء الحرب وادعو الجميع للتعاون معنا حفاظا على صناعاتنا العربية المحلية العريقة”.