• 8545141
  • 9814564

عكّا الموج والصخر… بقلم: نزار حسين راشد

35

 

نزار حسين راشد

عكا البحر الصاخب والسور الحجري العتيق والأمواج التي لا تكف عن الشجار وكأنها مخطوطة تاريخية محاصرة بالحاضر الضيق الذي ربما حولها إلى سجن تجاهد للإفلات من زنزاته.
وما بين هذا الحاضر المرتهن والمستقبل المخبوء خلف ستار الغيب تعيش عكا أيامها يوماً بيوم.
يقولون أن جدي جاء من هناك، لا يهم، فكل بقعة في فلسطين وطني، وكُل حجرٍ حجري، فأنا وزعت قلبي على خارطتها بالتساوي.تتكسر الأمواج على صخورها العنيدة، او تتكسر الصخور تحت أمواجها المثابرة.
في عكا ملامح لم تمت، مساجد أسواق، مطاعم فول وحمص، مقاهي أرجيلة، وأحاديث ودّية ناطقة بلغتها الأم وكأنما تحرس ألفاظها العربية بالصوت والهمس، وبنداء المآذن الذي يناجي السماء على موعد.
نعم كل شيء في عكا يشعرك بأنّها على موعدٍ مؤجل مع الحرّية.

فهذا الكبت الجاثم على الأنفاس لا بد له أن يحول أو يزول.
عكّا: كلمة صدق في وجه مظاهرة الأكاذيب، تحفة أصيلة في وجه متحف التزييف، قلعة أمام أسطول الغزاة، اسألوا ريتشارد الثاني ونابليون وحتى ابراهيم باشا.
كل شيء هنا يقول لك أن عكا ولدت لتعيش فكل ما فيها ناطق بالحياة، ربما رحل جدي ولكنه ترك أثره هناك، رائحة عباءته، قمبازه قظاظته وحتى عصاه التي اشتراها من السوق القديم.. عكا عصية على التغيير والتعهير، عفتها محروسة بثوبها القديم الذي لم يعرف إلا عريساً واحداً.
هكذا هي كما خلقها الله بلا زينة ولا تبرج.
عكا لن يطول الزمان لأعانقك مرّة أخرى فهو موعد مؤجل لا أكثر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

جديد الأخبار
  • اعلان مربع اصفر
  • عكانت مربع احمر