ان إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي يجعلها تكون وسائل للتباعد الاجتماع
لقد كثرت في الآونة الأخيرة وسائل التواصل الاجتماعي بكافة الوانها واشكالها وانواعها وبعضها مفيد يحمل أهدافا تربوية واخلاقية وإنسانية كما ونشر للاخبار الصحيحة والدقيقة .
ولكن في المقابل نلحظ ان هنالك منصات إعلامية تنشر الشائعات والاخبار الغير دقيقة والغير صحيحة والتي تنتشر كانتشار النار في الهشيم ، ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الإباحية والانحرافات الخلقية وقد باتت هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير وهي تهدد شريحة كبيرة من ابناءنا وخاصة طلاب المدارس الذين يحتاجون الى مزيد من الوقت والجهد من اجل تربيتهم وتوعيتهم ومساعدتهم وخاصة في المراحل العمرية والتي يحتاجون فيها الى الارشاد والعون والمساعدة.
لا تتركوا ابناءكم فريسة لوسائل التواصل الاجتماعي كما وشعبنا لا يجوز ان يكون فريسة لمنابر إعلامية هدفها فقط خلط الأوراق وإشاعة الفوضى والبلبلة والاخبار الغير دقيقة والغير صحيحة والتي ويا للأسف عندما يسمعها بعض الناس يصدقونها وكأن كل ما ينشر في السوشيل ميديا هو مُنزل.
لقد حبانا الله تعالى بنعمة العقل واذا ما فقد الانسان عقله كانت المصيبة كبيرة ، ولكن وبوجود العقل ودون ان يستخدم بالطريقة المناسبة واللائقة تكون المصيبة اكبر .
لقد حبانا الله بنعمة العقل والتمييز ما بين الصالح والطالح وما بين الخيط الأبيض والخيط الأسود ويجب ان نعرف ما هي الاخبار الصحيحة وما هي الاخبار الغير صحيحة وان نعلم ما هي المواقع المفيدة وما هي المواقع الغير مفيدة.
لست من أولئك المعارضين لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي ولكن يجب ان يكون هنالك توازن في كل شيء ، فلا يجوز ان نعطي كل الوقت للسوشيل ميديا على حساب الواجبات الاجتماعية والدينية وسواها .
ألحظ في الآونة الأخيرة شريحة من شبابنا منهمكين في وسائل التواصل الاجتماعي وتراهم في بيوتهم ومع زملائهم لا ينظرون الى بعضهم البعض ولا يتحدثون مع بعضهم البعض فكل واحد منهم يتابع وسائل التواصل الاجتماعي بطريقته مما جعل من هذه الوسائل وسائل للتباعد الاجتماعي وليس للتواصل الاجتماعي .
في بعض الأحيان عندما اذهب لزيارة الاسر الاحظ ان الكبار في واد والصغار في واد اخر وهم في حالة انسجام كلي مع وسائل التواصل الاجتماعي ولا يتواصلون مع المحيطين بهم الا ما ندر .
فأن تذهب الى زيارة بيت وترى ان الأطفال جميعا لا ينظرون اليك ولا يتحدثون معك ووقتهم كله مخطوف من قبل السوشيل ميديا فهذه ظاهرة تحتاج الى توقف ومعالجة واهتمام .
نحن مقبلون على دمار شامل في مجتمعاتنا اذا لم تكن هنالك معالجة لمثل هذه الظواهر فالذكاء الاصطناعي اصبح على حساب الذكاء الطبيعي .
نحن نتحدث عن مأساة شعبنا في غزة وفي الضفة ولكن هنالك مأساة اجتماعية هي موجودة بموازاة الكارثة الوطنية وهي تراجع العلاقات الاجتماعية والعلاقات بين الانسان واخيه الانسان لان وسائل التواصل الاجتماعي تحظى بغالبية الوقت .
ففي الوقت الذي فيه نتمنى ان تتوقف نكبة شعبنا ومعاناته بسبب حرب الإبادة نتمنى لهذا الشعب أيضا ان يكون اكثر وعيا وحرصا ورصانة وحكمة في التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي وان يكون هذا التعاطي بالحجم المطلوب وبالاسلوب الذي لا يضر بالعلاقات الاسرية وعلاقات الترابط الاجتماعي في هذه البقعة المباركة من العالم .
بات من المهم ان يكون عند كل واحد منا ما يمكن وصفه بالغربال لكي نعرف ما هي الاخبار الصحيحة وما هي الاخبار المضللة وما اكثر انتشارها في هذه الأوقات وخاصة في حالة الحرب وحالة التآمر الغير مسبوق على شعبنا الفلسطيني .
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم