وقفات على المفارق… الأفخاخ وتقاطع المصالح في الحصار على الباشان!… بقلم: سعيد نفّاع

سعيد نفّاع

الأفخاخ وتقاطع المصالح في الحصار على الباشان!

وقفات على المفارق

الوقفة الأولىوالأفخاخ

طالعنا أبو محمّد الجولاني رئيس جبهة النصرة أو الرئيس السوريّ أو الرئيس الانتقالي السوريّ أحمد الشرع (اختر ما شئت!)، طالعنا بتصريح لصحيفةمِيلييتالتركية يوم ال-19.9.25 نقلته عنه في اليوم التالي قناةالعربيّةقال فيه: “ما حدث في السويداء فخّ مدبّر لإفشال تدبير أمنيّ سابق مع إسرائيل حول آليّة أمنيّة“. الحقيقة أنّي وأنا المتابع استغربت أنّه لم يتمّ التفاعل مع هذا التصريح وكاد أن يمرّمرور الكرام، ولكن وزير خارجيّته؛ الشيباني، عاد بالأمس 20.10.25 وفي تصريح للإخباريّة السوريّة ليقول: “ملفّ السويداء فخّ وقعنا فيه جميعًا واستغلّ من بعض الأطراف لا سيّما إسرائيل، تصريح هذا الأخير لقي من التفاعل رغمقصر عمرهكثيرًا أكثر من تصريح سيّده في القصر الجمهوري، وطبعًا ما كان الشيباني ليطلق التصريح مجدّدا دون ضوء أخضر من القصر!   

الوقفة الثانيةواختزال المشهد

يغلب على المشهدالسويدائيّوتداعياته الإسرائيليّة؛ مؤسّسة ومعنيّون، والسوريّة؛ الدمشقيّة والجبليّة (الباشانيّة)، والإقليميّة؛ دول الجوار، اختزالُ القضيّة في الفظائع التي ارتكبت في السويداء في ال-13 من تمّوز، وكأنّ ما كان قبلها لم يكُن، وبدءُ التاريخ جاء بعدها. هذا الطرح وإن كان طبيعيّا لدى الضحايا؛ أهل الشهداء والمهجّرين، لكنّه غرضيّ مبيّت لخدمة أجندات المذكورين أعلاه؛ الضالعين منهم في بواطن الأمور والمروّجين من حيث يدرون أو لا يدرون. أمّا أن يصير هذا الاختزال ديدن بعض المثقّفين غزاةِ مواقع التواصل والفضائيّات المدّعين موضوعيّة التحليل أو المدّعين الحبّ الجارف للسويداء وأهلها وخصوصًا منالدروز الإسرائيليّين، فهذا غير مُبرّر ولكنّه مفهوم الخلفيّات والمرجعيّات.

لا يمكن أن يُقرأ المشهد بمعزلٍ عمّا كان منذ أن اندلعت الانتفاضة السوريّة عام 2011، وفي سياقنا بمعزل عن الموقف الإسرائيلي والدور المباشر الذي اضطلعت به؛ المخفيّ منه الذي لا نعرفه والسافر، ولكن الساذج فقط من يعتقد أنّ مؤسّساتها المختلفة كانت على الحياد، أو يقرؤه بمعزل عن الدور غير المباشر المرتبط عضويّا بالأوّل؛ المساعداتالإغاثيّةالتي أغدِقت على الجبل تزامنّا مع الإغداق على جبهة النُّصرة؛ تسليحًا وتطبيبًا. وبالمناسبة وللتاريخ، لم تقتصر المساعدات من الداخل الفلسطيني على الدروز ومن دروز بل أغدِقت على اللاجئين السوريّين في كلّ مخيّمات النزوح واللجوء

  الوقفة الثالثةونَصَبَة الأفخاخ!

يثير تصريح الشرع، حتّى لو صدّقناه، في ماهيّته وفي توقيته؛ ثلاثة أشهر بعد المقتلة في السويداء، جملة من الأسئلة؛ فمن نصب الفخّ؟! وكيف ولماذا وقع فيه؟! وما أو من كانتالصّيدِه؟! ولماذا لا هو ولا وزير خارجيّته يحدّدان الجهة التينصبتالفخّ؟! اللهم إلّا قول الشيباني أنّ الفخ استغلّ من بعض الأطراف لا سيّما إسرائيل! علمًا أنّ هذا النصّ يفيد أنّ هنالك آخرين من المستفيدين!

من نافل القول: إنّ من ينصب فخّا يبغي اصطياد غنيمة أو قلّ ضحيّة، فإذا كان الشرع يريد أن يقول لنا أنّه كان ضحيّة لصيّاد خفيّ، ففي هذا أمران أحلاهما مرّ، الأوّل أنّه كاذب فما من صيّاد ولا من فخّ، وأنا كمتابع مراقب معنيّ لا أميل إلى ذلك ولا تستغربنّ عزيزي القارئ! والثاني أنّه فعلاً أوقِع في فخّ ومعنى ذلك أنّه خِصيّ (مع الاعتذار من المتنبّي قوله في كافور الإخشيديّ!)، وكذلك أنا لا أميل إلى ذلك!

إنّ الأطروحات المستهينة بالشرع وقدراته أو النظر إليه كألعوبة في يد من ولّاه هي أطروحات بائسة، فالرجل ليس هيّنًا ولا ألعوبة، بلمُعاويّايلعبها مع اللاعبين وحتّى الآن بنجاح.

من الصعوبة بمكان أن يُجاب على الأسئلة والقول أعلاه إن لم تُعطف على الوقفة الثانية؛ اختزال المشهد، والخامسة؛ الموقف الإسرائيلي، وتقرؤ مع الوقفتين. الحقيقة الحتميّة والتي صارت من المشهورات والمُجمع عليها؛ أنّه فعلًا تمّتطبخةفي باكوأذربيجان 12 تمّوز 2025 شارك فيها الشرع مُمَثّلا بالشيباني (للتذكير: كان الشرع هنالك تزامنًا في زيارة رسميّة)، وشارك توماس براكالمندوب الساميالأميركي إلى سوريا ولبنان، ورون ديرمر الوزير الصهيوأميركي وآخرون. كان الشرع فيها طبّاخًا شريكًا فاعلًا واعيًا لما خُطّط وبغضّ النظر إن كان يدرك ويدري ما مذاقها أو لا يدرك ولا يدري، وفي كلا الحالتين؛ الإدراك والدراية من عدمهما، سيّان.

الأهداف والوقائع والنتائج والمهامّ في ومن ال-13 من تمّوز صارت من المعروفات والمجترّات، عالجتها أنا في مقامٍ سابق، وعالجها كُثر غيري، فلا حاجة للعودة عليها في سياقنا، اللهمّ إلًا في قضيّة الحصار.            

الوقفة الرابعةوالحصار والتقاء وتقاطع المصالح

الحصار؛ هذه النتيجة المأساويّة ليس فيها القضيّة الأهمّ شكلُ الحصار ونتائجُه وآثاره، رغم أهميّة ذلك، القضيّة الأهمّ هي السؤال: هل هنالك من هو معنيّ في الحصار واستمراره ويجني ثمراته السامّة أصلًا؟! وهل هنالك التقاء وتقاطع مصالح بين فرقاءخصومفي الجَني؟!

الإجابة على الشقّ الأوّل من السؤال هيّنة؛ فأعمى البصر والبصيرة من لا يرى أنّ هنالك من هو معنيّ في استمرار الحصار خدمة لأجندته وارتباطاته من داخل السويداء ومن خارجها حتّى لم كانت أُكُلها سامّة مؤجّلة العوارض. لكنّ الإجابة على الشقّ الثاني هي الأكثر صعوبة؛ أعتقد أنّ السلطة الحاكمة في دمشق، وبغض النظر إن كانت وقعت في فخّ دُبّر لها، أو وقعت في مخطّط دُبّر للسويداء، أو كانت شريكة فيه؛ وهو الاحتمال الأوفر، تعمل على استثمار هذا الحصار بخبث سافر؛ فالحصار يخدمها في اتّجاهين أساسيّين؛ الأوّل أنّ الضائقة الداخليّة ستولّد انفجارًا عاجلًا أو آجلًا ويبدو أن بوادره بدأت وإن ما زالت سهامه نحو الخارج؛ نحوها، لكنّ هذا آنيّ. والثاني أنّ هذا سيبعِد عنها شبح التحقيق في المذابح ونتائجها خصوصًا وأنّ “”No نهاد قلعي في مسرحيّة غربة، سيّدة الموقف في السويداء رفضًا لاتّفاق عمّان الثلاثيّ واسقاطاته عليها.

أقصى ما تتمناه سلطة دمشق أن تبقى هذه ال“”No في السويداء سيّدة الموقف، فهذا يريحها من استحقاقات ليست هي اليوم على قدرة أن توفي بها من ناحية أو تتحمّلها من الأخرى، وأكثر فإنّها تفرك أكفّها هناء وكمقولة أصدقائها في إسرائيل: “عمل الصدّيقين يفعله الآخرون، فهي تجني ثمار ما يفعله أهلالباشانحسب قناعاتها بعيدة عن عوارضه السامّة، فهل من مرعوٍ ممّنيهيمون حبّافي السويداء من داخلها ومن خارجها؟!    

الوقفة الخامسةوالعودة على الموقف الإسرائيلي والعود أحمد“!

يجب أن يؤكّد صبح مساء ويُعاد ويؤكّد مرّة تلو المرّة، أنّ كلّ الفاعليات الإسرائيليّة؛ السياسيّة والأمنية والأكاديميّة والبحثيّة، أجمعت حينها على الموقف الذي تمّت صياغته عام 2011 فيمركز أورشليم للأبحاث السياسيّةتحت العنوان: ” الانتفاضة السوريّة، التأثيرات على إسرائيل، والذي تلخّص في الآتي:

إنّ في حال صعود المعارضة إلى سدّة الحكم في سوريّة فإنها سوف تدفع باتجاه إبعاد دمشق عن إيران وحزب الله اللبناني، إضافة إلى أنّ رموز هذه الحركة من خلال علاقاتهم مع النخب الأردنيّة والسعوديّة والنخب التركيّة، والأميركيّة والغربيّة الأوروبيّة، سوف يعملون باتجاه بناء أفضل الروابط مع أميركا وبلدان أوروبا الغربيّة. وإذا أضفنا إلى ذلك الحقيقة القائلة إنّ دمشق البديلة سوف تكون دمشق الضعيفة، فإن خيار صعود المعارضة السوريّة هو الأفضل لإسرائيل.”

سُذّجنكونإناعتقدناأنّهذاالموقفظلّفيالأدراجالبحثيّةوالأروقةالجامعيّةخدمةللبحثالتاريخيّطوال 14 عامًا، أو أعيد للأدراج بعد سقوط النظام السابق وتسنّم جبهة النُّصرة مقاليد الحكم في سوريا مع أصدقائها ظاهريّا وباطنيّا!

فهل ما زال هنالك من يعوّل على إسرائيل في الجبل؟! أو على الأصحّ ألم يحن الوقت أن يدرك أولئك أن من يعوّل على إسرائيل حاله كمن: “يطلب الدبس من (…) النّمْس؟

الوقفة الأخيرةبين الحكمة والعدل 

العدل لا يأتي بالحكمة دائمًا لكنّ الحكمة تأتي بالعدل دائمًاالجبل؛ جبل العرب، ولّد حكماء رفعوا السيف بالحكمة وأغمدوه بالحكمة، وولّادٌ حكماء وفيه منهم كُثرٌ سيزيلون بالحكمة الظلمة مهما ادلهمّ ليله!      

سعيد نفّاع

أواسط تشرين الأوّل 2025

للتواصل: 7208450-050

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

جديد الأخبار
  • اعلان مربع اصفر
  • عكانت مربع احمر