الكتاب: رقصة الارواح
المؤلف : رانية فؤاد مرجية
اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ : الأدب العربي
الفئة : دواوين الشعر ( الصوفي)
عدد الصفحات : 147
عدد الابواب: 20 باب
الباب : في كل باب 10 قصائد
نوع الملف : PDF
الناشر :فولة بوك
وصف عام:
رقصة الأرواح» ليس مجرّد مجموعة شعرية، بل رحلة روحية عميقة تسير فيها الكاتبة عبر عوالم النور والظل، الفناء والبقاء، الحب والاتحاد، في حوارٍ متواصل بين الإنسان والإله.
يعبّر الديوان عن تجربة صوفية إنسانية ترى الله في كلّ شيء، وتحتفي بالمحبّة كطريقٍ للخلاص، وبالصمت كأسمى أشكال الصلاة.
—–
رقصة الأرواح: رحلة التصوف المسيحي في ديوان رانية مرجية
د.عادل جوده/ العراق/كركوك
“رقصة الأرواح” للشاعرة الفلسطينية رانية مرجية ليس مجرد ديوان شعري عادي، بل هو رحلة روحية شاملة تنتقل بالقارئ من عالم الظواهر إلى عالم الجوهر، ومن صوت الذات إلى صمت الألوهية.
عبر مجموعة من قصائد متوسطة موزعة على عشرين باباً..
تنسج مرجية لوحة متكاملة للتجربة الصوفية بمنظور مسيحي شرقي، تلتقي فيها الروح الإنسانية بالنور الإلهي في رقصة وجودية أخاذة.
لغة النور والشفافية
تمتاز لغة مرجية بشفافية نادرة، تجعل من كل قصيدة نافذة تطل على عالم النور.
ليست اللغة هنا وسيلة للتعبير بقدر ما هي وسيلة للكشف، فهي لغة “مضيئة” كما وصفها النقاد، تحمل في طياتها بُعداً تأملياً عميقاً.
في قصيدة “باب الفجر” تقول:
“الفجرُ ينشقُّ مثل جرحٍ نقيِّ
والنورُ يسكنُ في ضلوع الظلام
أنا بينهما أتلو صلواتي
وأرتوي من كأسِ هذا السَّلام”
هنا تتحول اللغة إلى طقس ديني، حيث يصبح الشعر صلاة، والكلمات ترانيم مقدسة.
الحوار بين الأنا والهو
يمثل الحوار بين الذات البشرية (“الأنا”) والذات الإلهية (“الهو”) العمود الفقري للديوان. هذا الحوار الداخلي ليس مجرد أسلوب أدبي، بل هو تجسيد للعلاقة الصوفية التي تبحث عن الاتحاد. في “باب العشق” تعلن:
“أبحثُ عنك فيَّ
فأجدُني فيك
ونلتقي عند حافةِ الوجود
فأذوبُ أنا
ويبقى أنت”
هذا الانزياح اللغوي – من “أبحث عنك” إلى “أبحث عنك فيَّ” – يعبر عن جوهر التصوف: أن الطريق إلى الله يمر عبر الذات، لا خارجها.
الرمزية الصوفية
تستخدم مرجية منظومة رمزية متكاملة تستمد من التراث الصوفي العالمي، مع خصوصية مسيحية واضحة. فـ”النور” يرمز للحضور الإلهي، و”الخمرة” ترمز إلى المعرفة الروحية، و”المرآة” ترمز للقلب الصافي الذي يعكس صفات الله. في “باب النور والظل” تكتب:
“حملتُ ظليّ إلى موعد النور
فإذا بظليّ ينمحي
وإذا بأنايَ تذوب في الضياء
لم يعد لي اسمٌ سوى حرفٍ من نورك
ولا عنوانٌ سوى عطرٍ من ذكراك”
هذا الفناء في النور ليس إلغاءً للذات، بل اتحاداً بها في وجود أعلى.
البناء الحكائي للرحلة الروحية
يمثل توزيع الديوان إلى عشرين باباً، كل باب بعشر قصائد، تصوراً لمراحل السير والسلوك في الطريق الصوفي. تبدأ الرحلة من “باب الفجر” الذي يمثل الصحوة الروحية الأولى، مروراً بـ”باب العشق” حيث يشتعل القلب بحب الله، و”باب الوجد” حيث يصل السالك إلى حالة الانجذاب الكامل، و”باب الفناء والبقاء” حيث يذوب الإنسان في الله ويبقى به، وصولاً إلى “باب الذكر والسكينة” و”باب العودة والأبد” حيث يتحقق الاستقرار في مقام القرب.
في “باب الفناء والبقاء” تصل الشاعرة إلى ذروة التجربة:
“ما عدتُ أسألُ عن هويتي
فقد محا اسمي سطرُ ألقاك
صرتُ كالنهرِ إذا انسابَ إلى البحر
لا يعرفُ الحدودَ بينَ الماء والماء”
التصوف المسيحي والهوية الفلسطينية
رغم عالمية التجربة الصوفية، إلا أن ديوان “رقصة الأرواح” يحمل بصمة هوية الشاعرة الفلسطينية المسيحية. فهي تدمج بين رموز الإنجيل وروح التصوف الشرقي، مستعينة باللغة العربية بكل ما تحمله من ثراء وجمال. هذا المزج بين الأصالة والخصوصية من جهة، والعالمية والكونية من جهة أخرى، يمنح الديوان عمقاً إضافياً.
الخاتمة: الشعر كتجربة وجودية
“رقصة الأرواح” يؤكد أن الشعر الصوفي ليس مجرد نوع أدبي، بل هو تجربة وجودية تلامس أعماق النفس البشرية. رانية مرجية تقدم من خلال هذا الديوان رؤية روحية عميقة للإنسان والعالم والله، رؤية تلتقي فيها الأديان والتجارب الإنسانية في نقطة واحدة: نقطة الحب الذي هو أصل الوجود وغايته.
في النهاية، يبقى هذا الديوان شاهداً على أن الشعر لا يزال قادراً على أن يكون جسراً يعبر منه الإنسان إلى عالم الروح، ووسيلة يلتقي فيها الخالق بالمخلوق في رقصة أبدية، رقصة الأرواح.
تحياتي واحترامي 






