ان اصلاح الحال الفلسطيني نحو ما هو افضل وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي انما يتطلب أولا الاعتراف بعمق الازمات التي نمر بها والمآزق التي نعيشها.
لا يمكن ان يكون هنالك اصلاح دون معالجة مواضع الخلل ولا يمكن الادعاء بأن هنالك شخصية سياسية كبيرة كانت ام صغيرة هي معصومة عن الخطأ فكل انسان معرض للخطأ ، ولا يستثنى من ذلك احد على الاطلاق ، واصلاح الحال الفلسطيني يتطلب أولا الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبت ولعل اخطرها ما سمي باتفاقية أوسلو والتي لم تحترم من قبل الإسرائيليين وبعد التوقيع على هذه المعاهدة زادت حدة الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات ناهيك عن الحواجز العسكرية والممارسات الظالمة بحق شعبنا ، ومازال البعض حتى اليوم يحدثوننا عن دولتان لشعبان ولكن على الأرض كل شيء فلسطيني مستباح وما حدث في غزة خلال العامين المنصرمين حيث حرب الإبادة انما يندرج في اطار التآمر على شعبنا وقضيته العادلة وكذلك ما يحدث في القدس وفي الضفة الغربية .
لا يمكن التعامل مع الاحتلال وكأن المواثيق والاتفاقيات الموقعة معه سوف تحترم من قبله ونذكر من يحتاجون الى تذكير بأن الشهيد أبو عمار مات مسموما حيث تم اغتياله بطريقة غامضة ولم يتم احترام انه هو الذي وقع اتفاقية أوسلو وهو الذي خاض مسيرة أرادها ان تكون مسيرة عدالة وسلام ولكن ويا للأسف اوصلتنا الى هذا الكم الهائل من المآسي والكوارث والمظالم .
مخطىء من يظن بأنه يمكن ان يتم احترام الاتفاقيات والمواثيق مع الاحتلال فبعد ان توقفت الحرب في غزة وتم الإعلان عن الهدنة استمرت الاعتداءات واستمر القصف في اكثر من مكان في قطاع غزة .
لا يمكن الوثوق بالاحتلال وبالمعاهدات التي يوقعها ويوافق عليها ، فهم يقولون شيء ويفعلون شيئا اخر .
ما اود ان أقوله للفلسطينيين بأن إسرائيل لا يمكن ان تتغير وستبقى السياسات الاحتلالية والمؤامرات التي تستهدف الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ولكن الذي يجب ان يتغير هو الحال العربي والحال الفلسطيني مع تأكيدنا على ضرورة ان يتبدل وان يتغير الحال الفلسطيني نحو ما هو افضل مع الاستفادة من الأخطاء السابقة لان الاستفادة من الأخطاء كبيرة كانت ام صغيرة انما هي مدرسة للإصلاح والتغيير نحو ما هو افضل .
أما إبقاء كل شيء على ما هو وبطريقة خشبية وغير موضوعية فلن يؤدي بنا الا الى مزيد من الضعف والترهل والتي لا يستفيد منها الا الاحتلال الممعن في سياساته وتآمره على شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة .
ان مسألة المناداة بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ليست ترفا فكريا بل هي حاجة استراتيجية من اجل ان يكون الفلسطينيون أقوياء في مواجهة التحديات والمؤامرات التي لا تستهدف الفلسطينيين لوحدهم بل تستهدف المنطقة العربية كلها ، حيث يراد رسم خرائط جديدة وشرق أوسط جديد منسجم مع الاهواء والسياسات الإسرائيلية.
نحن في مرحلة تكاد المرحلة الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني ويجب العمل على توحيد الصفوف ونبذ الانقسامات ورفض خطاب الردح والتخوين والتشهير والذي لا ينسجم مع المصلحة الوطنية .
نحن في مرحلة نحتاج فيها الى الوحدة والتضامن وليس الى تكريس الانقسامات ونتمنى ان يرتقي السياسيون الفلسطينيون بكافة مسمياتهم واوصافهم الى مستوى المسؤولية والحكمة والرصانة في هذه الأوقات العصيبة والدقيقة والخطيرة.
نحن بحاجة الى الحكماء في هذا الزمن حيث يحاصر الفلسطينيون بالمؤامرات ومشاريع تصفية قضيتهم.
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس



