• 8545141
  • 9814564

السعودية تفتح آفاق التنمية في سوريا

سوريا

الرياض تعتبر إلغاء واشنطن قانون قيصر يحقق تطلعات السوريين بالاستقرار.

الرياض- أعلنت وزارة الخارجية السعودية، ترحيبها الرسمي بالقرار الأميركي بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب ما يُعرف بـ “قانون قيصر”، معتبرة هذه الخطوة بمثابة تحقيق لتطلعات الشعب السوري ودعمًا لجهود إعادة الاستقرار والتنمية في البلاد.

وجاء هذا الترحيب السعودي بعد ساعات قليلة من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، الذي تضمن بندًا لإلغاء العقوبات الأميركية عن دمشق، بعد سنوات طويلة من التوترات والعقوبات التي أثرت على مختلف جوانب الحياة السورية.

وأكدت الوزارة السعودية في بيانها الرسمي أن القرار الأميركي جاء نتيجة جهود دبلوماسية متواصلة، حيث لعبت المملكة دورًا فاعلًا في الدفع نحو هذه الخطوة التاريخية، مشيدة بالدور الإيجابي للرئيس ترامب منذ إعلان نية رفع العقوبات خلال زيارته التاريخية إلى الرياض في مايو 2025، ووصولًا إلى توقيعه القانون، وهو ما يمثل تعاونًا استراتيجيًا بين الرياض وواشنطن لدعم مسار إعادة الاستقرار في سوريا.

ولم يقتصر هذا الدور السعودي على الترحاب بالقرار فحسب، بل شمل جهودًا دبلوماسية مكثفة لضمان تمريره عبر الكونغرس الأميركي، وإقناع صانعي القرار الأميركيين بأهمية رفع العقوبات في الوقت المناسب لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتهيئة الظروف لإعادة البناء في سوريا.

ويُعد هذا القرار تحوّلًا كبيرًا في السياسة الأميركية تجاه سوريا، إذ يأتي بعد سنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية والمالية الصارمة التي فرضها “قانون قيصر”، والذي تم إقراره في 11 ديسمبر 2019 بهدف معاقبة أركان نظام بشار الأسد على ما وصفه الكونغرس الأميركي بـ”جرائم الحرب” بحق المدنيين السوريين.

وقد أثرت هذه العقوبات على مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة والتجارة والبنية التحتية، وأدت إلى تراجع فرص الاستثمار الخارجي وتفاقم الأزمة الإنسانية.

ومنذ إعلان ترامب رفع العقوبات خلال زيارته للرياض، لعبت المملكة دورًا محوريًا في تهيئة المناخ السياسي المناسب لهذا القرار. إذ عملت السعودية على التنسيق مع الإدارة الأميركية لإبراز أهمية رفع العقوبات في سياق التحولات الجذرية التي شهدتها سوريا على الأرض، وأكدت أن هذا الإجراء سيحفز مسار إعادة الإعمار والاستقرار السياسي والاقتصادي، ويسهم في تهيئة الظروف لإعادة اللاجئين إلى ديارهم، وتخفيف المعاناة الإنسانية.

ويأتي هذا الدور السعودي في سياق تغييرات سياسية كبرى داخل سوريا، حيث تمكن الثوار السوريون في 8 ديسمبر 2024 من دخول العاصمة دمشق، معلنين الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي حكم البلاد منذ عام 2000 بعد أن ورث الحكم عن والده حافظ الأسد (1971 ـ 2000).

وقد شكلت هذه التطورات عنصر ضغط إضافيًا على الإدارة الأميركية لإعادة النظر في نهجها العقابي السابق، فيما جاءت المملكة كفاعل دبلوماسي رئيسي لاستثمار هذا التحول لصالح دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا.

وأكدت الوزارة السعودية أن قرار رفع العقوبات لا يمثل مجرد خطوة رمزية، بل يحمل أبعادًا استراتيجية متعددة، أبرزها تعزيز قدرة الحكومة السورية الجديدة على إعادة بناء الدولة وإعادة الهيكلة الاقتصادية، فضلاً عن فتح المجال أمام استثمارات ومساعدات دولية كانت مجمّدة منذ سنوات طويلة.

وفي هذا السياق، يُنظر إلى المملكة على أنها لعبت دور الوسيط الفعال بين الإدارة الأميركية والصناع السياسيين داخل سوريا، بما ساعد على تمهيد الطريق أمام إعادة إطلاق العملية الاقتصادية والإعمار.

وعلى المستوى الاقتصادي، من المتوقع أن يؤدي إلغاء “قانون قيصر” إلى عودة الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا، وتحفيز المشاريع الكبرى، وإعادة تطوير البنية التحتية المتضررة، وخلق فرص عمل جديدة.

ويأتي ذلك في وقت تحتاج فيه سوريا إلى دعم اقتصادي واسع لإعادة بناء القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والصناعة، والزراعة، والخدمات، ما يجعل للدور السعودي تأثيرًا مباشرًا على تحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق

القرار يفتح آفاقًا واسعة أمام الحكومة السورية الجديدة لتعزيز الاستقرار الداخلي، واستعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة بناء الدولة ، بينما تؤكد الرياض قدرتها على التأثير الإيجابي في سياسات القوى الكبرى بما يخدم الأمن والتنمية في المنطقة.

الاستقرار الاجتماعي.

ومن الناحية الدبلوماسية، يعكس القرار قدرة المملكة على ممارسة نفوذها الإقليمي والدولي بشكل فعال، حيث ساهمت في صياغة رؤية مشتركة مع الإدارة الأميركية، وتقديم دعم سياسي متوازن يشجع على إعادة الاستقرار دون المساس بالعملية السياسية الداخلية في سوريا. كما أن الرياض حرصت على أن يكون رفع العقوبات جزءًا من استراتيجية شاملة لإعادة سوريا إلى المجتمع الدولي بطريقة آمنة ومستدامة، مع مراعاة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

ويشير المحللون إلى أن الدور السعودي في إلغاء العقوبات يمثل نجاحًا دبلوماسيًا كبيرًا، حيث تمكنت المملكة من الجمع بين الضغط السياسي والتواصل المباشر مع صانعي القرار الأميركيين لتحقيق نتيجة ملموسة على الأرض، تعكس قدرتها على التأثير في السياسات الأميركية بما يخدم الأمن والاستقرار الإقليمي. وهذا يعكس خبرة السعودية في التعامل مع الملفات المعقدة، وقدرتها على لعب دور الوسيط الحاسم في الملفات الإقليمية الكبرى.

كما أن رفع العقوبات يحمل دلالات رمزية وسياسية مهمة، إذ يمثل اعترافًا غير مباشر بالتغيرات الحقيقية التي شهدتها سوريا على الأرض بعد الإطاحة بالنظام السابق، ويعطي رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي، بدعم السعودية، يسعى لدعم مسار إعادة الإعمار والاستقرار، بدل الاستمرار في العقوبات والعزلة الاقتصادية التي كانت تثقل كاهل الشعب السوري لسنوات طويلة.

وبالإضافة إلى ذلك، يلعب القرار الأميركي بدعم سعودي دورًا في تهدئة التوترات الإقليمية، ويتيح فرصة لإعادة ترتيب العلاقات بين دمشق والدول العربية، بما يسهم في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.

وقد أشارت الوزارة السعودية إلى أن نجاحها في هذا الملف يعكس قدرتها على الموازنة بين المصالح الإقليمية والاستراتيجية، وبين الحاجة إلى دعم الاستقرار الداخلي في سوريا بما يحقق مصالح الشعوب العربية كافة.

ولم تكن رفع العقوبات خطوة أحادية الجانب، بل جاء نتيجة تضافر جهود دبلوماسية متعددة، مع السعودية في موقع الريادة، حيث قامت المملكة بجهود مكثفة لإقناع واشنطن بأن رفع العقوبات يصب في مصلحة الاستقرار الإقليمي، ويمهد الطريق أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا، مع الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية ومصالح حلفائها.

ويمثل إلغاء “قانون قيصر” نقطة تحول تاريخية في السياسة الأميركية تجاه سوريا، ويبرز الدور السعودي كعامل محوري في هذا التحول. فالقرار يفتح آفاقًا واسعة أمام الحكومة السورية الجديدة لتعزيز الاستقرار الداخلي، واستعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة بناء الدولة بعد سنوات طويلة من العقوبات والصراعات، بينما تؤكد الرياض قدرتها على التأثير الإيجابي في سياسات القوى الكبرى بما يخدم الأمن والتنمية في المنطقة.

وتمثل تجربة السعودية في هذا الملف نموذجًا للدبلوماسية الإقليمية الفاعلة، التي تجمع بين الحكمة السياسية، والضغط الاستراتيجي، والدور الوسيط، لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض، تعكس قوة المملكة ومكانتها كلاعب أساسي في صناعة القرار الإقليمي والدولي.

ومع الانعكاسات الاقتصادية والسياسية لرفع العقوبات، يبدو أن سوريا أمام مرحلة جديدة من إعادة البناء، مدعومة بجهود دبلوماسية سعودية حاسمة، تضع المملكة في قلب مسار استقرار الدولة السورية الجديدة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

جديد الأخبار
  • اعلان مربع اصفر
  • عكانت مربع احمر