هذا البحر ألرّوح … بقلم: ساميه قزموز بكري

 

بقلم: ساميه قزموز بكري

هذا البحر ألرّوح …
هذه الأمواج ألنّزِقه …
والشمس الغير (مِسْتحِيِّه)
نُنادي سماءَها أطفالاََ
“عِيبْ عليكِ تْشَتّي
والشْمِيسِه طالْعَه
على قْرون عيشِه
عيشِه بِلِمْغَارَه
زَقْطَتْ قُطَّه وفارَه”

تذكرني والعمر ذكرى
بعاشقة الأحْذِيَه (أمّ منشّي)
كانت تسكن هنا جارة البحر
وبا سَعْدُه اللِّي البحر جارُه
امرأة من بنات عمّنا عراقية اللهجة
وصلت الى البلد مع القادمين الى
أرض السمن والعسل …
تشد جبينها مع الرأس بمنديل وتلبس
الأسود المغبرّ دوما وكأنها عاملة بناء
تعرف أنها قادمة الى بيتها من الضجة الزاحفة
أمامها فهي تجر عربة خشبية محملة بروبابيكا
تسمع صوتها من بعيد تسُبُّ الأطفال , يلاحقونها
” أمّ مْنَشِّي وَيْن البَيْضَه” لا أعلم ما معنى الكلام
يجن جنونها وتصرخ تلعن العرب:” فَقْعَتْ عَيْنَك”
ثم تبصُق وهم يزيدون ضحكا على وجهها المشَحَر
بالأسود..وعلى طبقات التنانير الممزقة التي تلبسها
والجاكيتات المهلهلة فوق بعضها ..أمرأة غرائبية
تتحدث الى نفسها في الطريق وهي تجر العربة
الضخمة المركبة بالأيدي وصوتها يعلو على صرير
عجلاتها الصّدِئة …
يتكحل مشهد أم منشي ( ألمجنونة كما سماها الأطفال )
بمراكب الأحذية تخرج من بيتها في يوم عاصف وهدير البحر
لا برحمها ..تقتحم الأمواج الغاضبة بيتها فينهار جبلا الأحذية
العتيقة على جانبي الباحة الداخلية ( أذكر ذهولي وجحوظ عيني
الطفلة عندما تسللت مع الشلة الى الداخل وفوجئت بجبلين من
الأحذية القديمة وممر ضيق بينهما) فتسافر قوارب – شخاتير –
أم منشي على سطح الموج الى الشارع.. والجميع يتندَّر ..وهي تولول وتبكي …
يشفق عليها أهل البلد ويلحقون بالأحذية ليلتقطوها عن ظهر الأمواج وبساعدوها
لتدخلها ثانية الى البيت وتبني كل جبل على حدة من جديد …

رحلت أم منشي عن الدنيا ..وبقي البيت …بيت عائلة عكية هجّت عام ثمانية وأربعين تحول البيت الى مطعم لأولاد عمنا أيضا يتمتع السياح بوجباته اللذيذة من السمك الطازج وبمشهد البحر الأزلي والسور العظيم ..الى أن يغضب البحر شتاء فيطردهم من المكان …
اّه من المكان …أنظر اليه فأرى صورََا وحكايا وأشمّ روائح أَيّامِِ خَلَتْ
رحلت أمّ مْنَشّي كما رحل أصحابه حسرة …
وبقي هدير البحر الذي لا تخافه مدينتي

30- 1 – 2019
عكا
أم مْنَشِّي … من السيرة الذاتية

ألبيت يقع أمام البحر تماما في الفيديو أدناه

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار