الراحلة أسمى طوبي… رمز من رموز الكفاح الوطني النسوي الفلسطيني

 

تزخر مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الطويلة؛ برموز كثيرة في مجالات الأدب والمجتمع والاقتصاد والفن والإعلام والكفاح المباشر؛ بغرض الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة محاولة المحتل البريطاني وتالياً الصهيوني، لتغييبها وفرض سردية احتلالية تهويدية في نهاية المطاف، وقد سطع نجم الراحلة أسمى طوبي كإحدى أهم رموز الكفاح النسوي الفلسطيني . فمن هي أسمى طوبي ؟

 

حول مسيرتها

تعتبر الراحلة أسمى طوبي رائدة إعلامية وشاعرة فلسطينية، وقد ولدت في عاصمة الجليل ؛مدينة الناصرة خلال عام 1905.
تنحدرمن عائلة مثقفة وذات تاريخ نضالي، فعميد الأسرة المناضل الكاتب الصحافي المرحوم توفيق طوبي ، أما والدها فكان شاعرا. أنهت دراستها في المدرسة الإنكليزية في الناصرة، أتقنت الإنكليزية واليونانية، ارتحلت مع زوجها إلياس نقولا خوري إلى عكا.
تفرغت لدراسة القرآن الكريم لتتمكن من ناصية اللغة العربية، حيث كانت عضواً نشطا في “اتحاد المرأة” في مدينة عكا بين عامي (1929-1948)، كما كانت عضواً بارزاً في “جمعية الشابات المسيحيات” وفي رئاسة “جمعية الشابات الأرثوذكسيات”.
أذاعت العديد من أحاديثها الإذاعية من المحطات التالية: “الإذاعة الفلسطينية”، و”هنا القدس”، ومحطة “الشرق الأدنى” للإذاعة العربية في يافا بعد 1948، كما أذيعت أحاديثها الشهيرة عبر أثير إذاعة بيروت.
كانت تحرر الصفحة النسائية في جريدة “فلسطين” قبل نكبة عام 48، وبعدها حررت الصفحة نفسها في جريدة كل شيء، ومجلة الأحد في بيروت، كانت رئيسة الاتحاد النسائي العربي في عكا أواخر الاحتلال البريطاني لفلسطين.
وكان لها نشاط خطابي ألقت فيه أكثر من خمسين محاضرة بوسائل عديدة؛ مثل المنشورات أو من خلال إذاعة هنا القدس الفلسطينية التي استقطبت شخصيات نسائية كثيرة منهم أسمى طوبي التي قدمت برنامج “حديث إلى الأم العربية”.
وشاركت في أحداث فلسطين وهي في لبنان بتقديم الأحاديث الإذاعية، واتجهت لجمع التبرعات عبر الحفلات وتنظيم حفلات التبرع، وتجنيد فرق الإسعاف التطوعي، منحت الوسام اللبناني الرفيع “قسطنطين الأكبر” سنة 1973، توفيت أسماء طوبي في بيروت عام 1983، تاركة إرثاً زاخماً في مجالات الأدب بكافة فنونه، وقد منح اسم الراحلة أسمى طوبي وسام القدس للثقافة والفنون في سنة 1990.

إرثها المتنوع

للراحلة أسمى طوبي أحاديث إذاعية مشهورة في فلسطين ولبنان ،واستعملت تلك الاحاديث كوسيلة فعالة للمشاركة في الحركة الوطنية التي كان لها دور كبير، وأُذيعت أحاديثها في عدة محطات منها: “الإذاعة الفلسطينية”، و”هنا القدس”، وبعد عام 1948 أذاعت في يافا في محطة “الشرق الأدنى” للإذاعة العربية، وعبر إذاعة بيروت، كما حررت الصفحة النسائية في عدة جرائد منها تحريرها قبل النكبة عام 1948 في جريدة فلسطين، وبعد النكبة اضطرت إلى أن تهاجر إلى لبنان لتحرر هناك في جريدة كل شيء الصفحة النسائية، وحررت أيضا الصفحة النسائية في مجلة الأحد في بيروت؛ ومن أعمالها الأدبية، كتبت الدراما والشعر والخيال والعديد من الأعمال المنشورة باللغة الإنكليزية. وهي المرأة الفلسطينية الوحيدة التي كتبت الأدب المسرحي في مرحلة ما قبل النكبة.
وفي الفترة بين بداية الحرب العالمية الثانية والكارثة نشطت أسمى رزق في كتابتها المسرحية كثيرا وازدخرت تلك الكتابات، وقد تمّ تمثيل ثلاث منها في فلسطين ولبنان بين سنتي 1925 و1930، وطبعت أسمى والتي تعتبر من رواد المسرح في فلسطين أولى مسرحياتها في عكا سنة 1925.
وقد ركزت مقالات وخواطر الراحلة أسمى طوبي على الروح الوطنية والقومية في بعدها الإنساني والوجداني؛ وقد جمعت جميع المقالات المنشورة لها في كتاب: “أحاديث من القلب” في بيروت عام 1955.

 

شغف بالشعر

إضافة إلى ذلك كانت الراحلة شغوفة بالشعر منذ نعومة إظفارها، وقد زخر شعرها بالعواطف الوطنية التي تنم على شدة الانتماء للوطن والهوية، لتعكس في صلب أفكارها واقع خلال الفترة التي عاصرتها أسمى طوبى ، لتتحدث عن الأمل والمستقبل الوطني وتعظيم مقاومة المحتل البريطاني والصهيوني.
وقد أرخت تلك الفترة بمعالمها القاسية في قصيدة حية وترسم رسماً عاطفياً رومانسياً للفدائي؛ حيث كان شعرها يميل إلى النمط السائد في الشعر في عصرها؛ ومن أهم أعمالها الشعرية؛ ديوان بعنوان: “حبي الكبير” وعلى غلافه خريطة فلسطين، وقد صدر عن دار الآداب في بيروت 1972؛ هذا فضلاً عن عدة أعمال مسرحية ونثرية وترجمات لأعمال أدبية غربية.

 

القدس العربي….

نبيل السهلي، كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار