الشيخ عباس زكور
لا يخفى على أحد حجم المصيبة والفاجعة التي مرت على عكا وأهلها في الاسبوع الأخير . فلقد فقدت عكا خمسة من ابنائها البررة « محمد بدر وزوجته حنان بدر « وهما زوجان منذ خمسة عشر عاما ابتلاهم الله تعالى فلم يُرزقا بالاولاد وكانا مثالا للاخلاق الحميدة والمجيدة فلم نسمع ولم نعرف عنهما الا كل خير وذكر طيب . وأما « رايق ونجاح وابنهما ناصر الدين سرحان» فانهم عائلة طيبة ومتواضعة وتعيش حياة الكفاف والتواضع : ونقف عند الطفلة آمنة سرحان التي كانت عين الله ترعاها وقدرة الله تحفظها فما نجت الا باعجوبة ولأن الله تعالى قد كتب لها الحياة بعد هذا الحادث والتي اظن انه سيكون لهذه الطفلة شأن عظيم يعود نفعه على عائلتها وأهل بلدها وعلى شعبها بأسره .
ان ما حصل في عكا مصيبة وبلاء وامتحان ولكننا لا نقول الا ما يرضي ربنا « انا لله وإنا اليه راجعون»
حقيقة لا بد من معرفتها وشهادة للتاريخ
ان العمارة والمبنى الذي سكنت فيه عائلات « بدر وسرحان وشعيب ومصري» هي احدى العمارات القديمة وكأخواتها من العمارات الموجودة في البلدة من حيث القِدم وتلاصقهما مع ما حولها من العمارات إلا انها تميزت بارتفاعها حتى سمّاها ابناءَنا واجدادنا بالطائرة لشدة ارتفاعها وأظنها الأكثر ارتفاعا على الاطلاق في عكا القديمة.
ومنذ سنوات طويلة نُصب بشكل غير مقبول على سطح هذه العمارة هوائيات للشركات الخلوية وقد احتج سكان عكا القديمة وسكان الحي على وجه الخصوص على نصب هذه الهوائيات فكانت مظاهرات وكانت بيانات وكان في بعض الأحيان حرق لهذه الهوائيات وكانت تشتد الحده وتزداد المعارضة كلما أصيب احد سكان الحي بمرض السرطان حيث لا يخفى على أحد انه قد اصيب بالمرض الخبيث عشرات من سكان الحي على مدار الخمسة عشر سنة الاخيرة . وخلال الأشهر القليلة الماضية اصيب في نفس الحي ما لا يقل عن ستة أفراد من الحي بمرض السرطان « وأسماؤهم محفوظة وموجودة» مما أثار ضجة وفزع في الحي وبدأ الناس من جديد يتحدثون عن الهوائيات وضرورة ازالتها وابعادها عن الحي وخاصة ان بلدية عكا قد نصبت هوائيات ضخمة جداً على ملاعب كرة القدم وقالت للمحتجين ان ذلك سيكون بديلا عن كل الهوائيات الموجودة في الأحياء وعلى أسطح البيوت .
فماذا حدث وكيف تصرف السكان
لقد توجهوا اليّ شخصيا قبل اسبوعين وطالبوني بعمل شيء تماما كما يطالبني دائما أهل بلدي بحل مشاكلهم وانا افتخر وأعتز بأنني اجتهد بعدم التواني او التراخي في حل مشاكل آهلي وحتى الشخصية لمعظم سكان المدينة.
فتوجهت الى دكان ديب بدر وهو الأخ الاكبر لخالد وأخبرته بان البلد غاضبة وثائرة ولا بد من فعل شيء حيال هذه الهوائيات وبالذات انني توجهت اليه قبل سنوات عديدة إلا ان الهوائيات استمرت على حالها فكان بين الحين والآخر يتم حرق هذه الهوائيات . فوعد الأخ ديب بايصال الأمر الى اخيه خالد وانه سيهتم بالأمر .
فاتصل بي خالد بدر وقال لي باستطاعتك ان تخبر السكان انه لا يوجد هوائيات على الاطلاق على سطح البيت ثم عاود الاتصال بي بعد ساعة وقال لي اريد الجلوس معك وعلى انفراد . فجلسنا في مكتبي وقال لي « انا اخبرتك بانه لا يوجد هوائيات ولكن الحقيقة انني أزلت بعضها وبقي عندي هوائيتان واحدة لشركة بلفون وواحدة للراديو . وانا اطلب منك ان تخبر السكان ان يقبلوا ابقاء هذه الهوائيات حتى شهر آب 14/8 ، لأن هنالك بعض الامورر التقنية التي لا بد من فعلها مع الشركات الخلوية وحتى لا يغرمونني ولأنني اريد منهم ان يساهموا معي في الأضرار التي لحقت بالبيت جراء ما كان يجري بين الحين والآخر من حريق للهوائيات . وخاصة انني سأزوج ابني بالاشهر القريبة واريد ان اهيء البيت للسكن هناك .
فقلت له انني سأخبر السكان واطالبهم بالموافقة واتفقت معه ان نلتقي سويا مع بعض مندوبي السكان بعد صلاة الجمعة قبل اسبوعين بالقرب من بيته حتى يشاهدوا بأعينهم انه لم يبقى الا هوائيتين وفعلا في تمام الساعة الثانية ظهرا وبعد صلاة الجمعة تم اللقاء ولكثرة العدد الذي وصل من السكان اتفقنا على الجلوس في ساحة جامع ظاهر العمر الزيداني الجامع المحاذي للبيت ومنعنا عدد كبير من الشباب الصغار من الدخول الى المسجد فكان عدد المشاكين ما يقارب الاربعين رجلا وهناك دار الحوار بين السكان وبين خالد بدر فكان النقاش والحوار حضاريا ولكنه مليء بالحرارة من قبل السكان الذين ما من واحد منهم الا وله قريب او صديق قد اصيب بمرض السرطان ، فعرض خالد بدر فكرته الا ان الجميع رفضوا فكرة التأخير حتى شهر آب 2014 وكان ان عرضت فكرة الحل الوسط وهو العمل على انهاء الاتفاق مع الشركات حتى شهر نيسان 2014.
وقال خالد للحضور اعطوني حتى يوم الاثنين لأفحص إمكانية الاتفاق مع الشركات واعطيكم يوم الاثنين الجواب على الموافقة على ازالة الهوائيات مع بداية شهر نيسان 2014.
وخلال الجلسة اتصل نائب رئيس بلدية عكا المحامي ادهم جمل وقال: اخبروا خالد بدر انه بامكانه ازالة الهوائيات اليوم وان البلدية تتكفل بالاتفاق مع الشركات الخلوية على عدم تغريمه الا ان خالد أصر على ان يجلس هو بنفسه مع الشركات .
وفي يوم الاثنين توجهت انا شخصيا بصحبة الأخوين محمود شيابنة وميسرة خلايلي الى الاخ خالد لأخذ الجواب منه إلا انه قال بان الجلسة مع الشركات قد تأجلت حتى يوم الخميس فقلت له انني مسافر الى خارج البلاد يوم الاربعاء والاخوة سيأخذوا منك الجواب يوم الجمعة الاخير فوافق وفعلا جاء الاخوة اليه يوم الجمعة واتفقوا معه بعد ان اخبرهم بان الموعد الاخير لازالة الهوائيات هو بداية نيسان 2014 وتمت المصافحة بالايدي بين الأطراف بناءً على هذا الاتفاق وخلال هذه الفترة جلس الاخ بدر مع المحامي ادهم جمل نائب رئيس البلدية وطلب منه ادهم ان يُعجل اكثر بازالة الهوائيات فقال له سأعطيك جواب خلال يومين بعد جلوسي مع المحامي الخاص الا ان خالد لم يجلس ولم يرد اي جواب للاخ ادهم حتى ما قبل الحادث بيوم واحد وبعد ثلاثة ايام من الاتفاق كان الحادث الأليم والذي لا نعرف كيف حصل؟
وما هي اسبابه ؟ونحن بدورنا نطالب جميع الجهات المختصة باعطاء الحق الكامل وبذل الجهد الكبير للوصول الى الحقيقة.
في الاسبوع القادم سأضع بين ايديكم حقائق تتعرفوا من خلالها على شباب عكا الشجعان وعلى النخوة المميزة والخاصة التي يتميز بها سكان عكا برجالهم ونساؤهم وشيوخهم واطفالهم .
كما سنتحدث عن شعبنا العظيم بكل مذاهبه وطوائفه .
وعن بيت الأجر والعزاء الذي تحول الى مؤتمرات عظيمة
وعن قيادات هذا الشعب بكل فئاته وحركاته وقياداته
وعن الحاجتين ام حسين شعيب وام خالد بدر
كما لن ننسى الطفلة ابنة كل شعبنا آمنة سرحان .
والله من وراء القصد