مرارةُ قدّيس
شعر : الدكتور منير توما
كفرياسيف
إنّهُ قديسٌ حقيقيٌ
دونَ إذنٍ .. ودونَ بركةْ
في قلبهِ مرارةٌ مُحِقّةٌ
فهو قد تنبّأ بهزيمةِ الفَضَائلْ
وأيقنَ أنّهُ مُكَبَّلٌ
بدافع ِ المحبةِ والرحمةْ
وها هو يتململُ في فراشهِ مُنزعِجًا
ينظرُ الى سَقْفِ الغرفةِ
بقلق ٍ وارتباكْ
ويخشى التمادي في رَمْي ِ آخرِ ورقةٍ
طالبًا الغفرانَ بملامح ِ ميتٍ
زائغ ِ النظراتْ
مُدْرِكًا خطورةَ أحداثِ النهارْ
وقد تَمَلَّكَهُ جَزَعٌ قهّارْ
لا يستطيعُ أنْ يسألَ ربَّهُ انفراجًا
فقد ارتمى على فراشِهِ مُنهَكًا لاهتًا
وهو يدري أنّه لن يدينَ خَصْمَهُ
ولنْ يفكِرَ أبدًا إلّا بِقَسَمِهِ
في حُبِّهِ للآخرين الى الأبديةْ
لتنصَهِرَ عواطِفُهُ في الظُلْمةِ
دونَ أن يُلَطِّخَ ضميرَهُ
رغمَ طغيانِ صُفْرَةِ الألمِ والإحتضارْ
فمعظمُ أُمسياتِ الشتاءِ لديهِ
مليئةٌ بقُربانِ الصلاةْ
وهي أكبرُ مِن فرديتهِ البريئةِ الطاهرةْ
ويجيءُ الصمتُ شاملًا
يخترقُهُ صوتُ همساتِ الليلِ
ليثيرَ فيهِ عاصفةً مِن آهاتِ الأحرارْ
عَصَرَتْ قلبَ الرَجُلْ
وتحركَتْ شفتاهُ بدموعِ ِ العذابْ
وترنيمةٍ بسيادةِ السماءِ والأقدارْ