معمل (نور) للكبريت في عكا.. ذاكرة من التاريخ الفلسطيني

مصنع الكبريت

 

مئات العائلات كانت تعتاش من معمل”نور” للكبريت في عكا قبل 80 سنة ويزيد…أهالي عكا لم يمتلكوا الاراضي كما في القرى المجاورة، وكان بعضهم يركب البحر ويصطاد الاسماك والبعض الاخر كان يعمل في معمل الكبريت نور….

 

التقى مراسلنا خليل البياعة (79) سنة وابو حسن الطنطوري (84) سنة، الذي عمل في مصنع الكبريت في سنوات الاربعين من القرن الماضي

من عكا كان يصل الشبان سيرا على الاقدام ،ومن القرى المجاورة على الدراجات الهوائية ..ذكريات من عبق التاريخ العكي…في شارع الرشادية بمدينة عكا،او “بن عامي” بتسميته العبرية، يقف مصنع الكبريت شامخا بالرغم من مرور اكثر من 65 عاما على اغلاقه في عام النكبة ..وقد بدأ الجد خليل البياعة العمل في معمله في عام 1926 حيث راح ينتج الحلويات السكرية ولاحقا في صناعة التبغ حتى عام 1937 …وقد قرر البياعة قبل ذلك باشهر وفي اعقاب الاضراب الكبير الذي شهدته فلسطين عام 1936 والذي استمر ستة اشهر والحق ضررا كبيرا بالمصنع، التوقف عن صناعة التبغ وتم تأجير المعمل لعائلة وايزمن اليهودية ليبدأ مرحلة جديدة في صناعة الكبريت،وكان فرعا اخر من فروع شركة “نور” العالمية..

مراسلنا التقى خليل البياعة الحفيد(79)،وابو حسن الطنطوري (84) الذي عمل في مصنع الكبريت في سنوات الاربعين من القرن الماضي اللذين عادا بذاكرة الطفولة والشباب الى عبق التاريخ العكي ومعمل الكبريت احد الشواهد على عروبة المدينة حتى يومنا هذا….

 

عملية نقع الخشب بالماء جرت في نهر النعامين

اتصلت بالطنطوري وحددنا موعداً للقائنا، واستهل اللقاء بمفاجأة اذهلتني وادخلت البهجة الى اعماقي لروعتها، اذ وصل عبد الرحمن الطنطوري ابو حسن صباح اليوم الى معمل الكبريت في شارع الرشادية (بن عامي)، بدراجته الهوائية التي اعتاد على ركوبها منذ سنين بعيدة، وراح ابو حسن يستذكر تلك الايام الخوالي من طفولته فقال: بدأت العمل في معمل الكبريت وكنت في الثامنة من عمري وكان ذلك عام 1938 ،كانت فرقة من العمال مختصة بنقع الخشب بالماء في نهر النعامين،وكانت فرقة اخرى تنقل الخشب المنقوع الى المعمل حيث يتم تقطيعه وقصه الى عيدان صغيرة،وتقسم العمل بين العمال بين من يبلل طرف العود بسائل الكبريت،وفرقة اخرى تقوم بنشره في الباحة خلف المعمل في الشمس ،وكان دوري في العمل ادخال عيدان الثقاب الى داخل العلب الصغيرة…

ويتابع ابو حسن: كان المعمل مصدر رزق لمئات العائلات من عكا والقرى المجاورة،فعلى دراجاتهم الهوائية كان الفتية والشبان يصلون كل صباح من طمرة وكابول وشعب ومجد الكروم للعمل في المعمل…

ويتنهد ابو حسن قائلا: رحم الله تلك الايام كنا ننعم بالهدوء والطمأنينة بخلاف هذه الايام التي كثر فيها القتل والاجرام”.

 

دائرة اراضي اسرائيل وضعت يدها على نصف العقار

ومن معمل الكبريت ولقاء ابو حسن،توجه مراسلنا الى منزل الحفيد خليل البياعة(79)،ليستمع منه الى تلك الايام وعبق الماضي..تحدث ابو بشير البياعة:قبل عام 1937 كان جدي خليل يصنع وينتج التبغ في هذا المعمل ،وقبل ذلك بسنوات كان يعمل في معمل لصناعة الحلويات السكرية،وقد شيد هذا المبنى في عام 1926،وعن العقار يقول البياعة:الارض تملكها عائلتنا عائلة البياعة،لكن للاسف الشديد قامت دائرة اراضي اسرائيل بوضع يدها على نصف الارض لأن عمي(شقيق جدي) ترك البلاد في عام النكبة…وعن المعمل اسهب البياعة:لقد كان المعمل مصدر رزق لمئات العائلات وكان انتاجه جيدا وكان يسوق الانتاج الى السوق المحلية وبعض الدول العربية…

وللحظات توقف البياعة عن الكلام وقال مشيرا الى غرفته: لدي عقد الايجار الاصلي والذي تم من خلاله تأجير المعمل لعائلة وايزمن اليهودية في عام 1937 التي باشرت بانتاج الكبريت، وكان احد الفروع لشركة نور العالمية…

وعاد البياعة ليتحدث عن وضعية العقار قائلا:”كانت محاولات لهدم المبنى وبالفعل تم هدم جزء منه،الا اننا اعترضنا على ذلك وأوقفنا عملية الهدم..

وختم البياعة: قبل حوالي عقدين من الزمن قمنا ببيع حصتنا في العقار الى شركة “بولس جاد” (التي اعلنت عن افلاسها لاحقا) وذلك من اجل هدم المبنى واقامة مجمع تجاري، لكن شركة نور للكبريت اعترضت على ذلك لانها شريكة في العقار بعد ان ابتاعت حصة دائرة اراضي اسرائيل،وما زالت القضية عالقة حتى يومنا هذا.

 

صورة لعقد إيجار المعمل الذي ابرم بين الحاج خليل البياعة صاحب العقار وعائلة وايزمن 1937:

 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار