ما أقدم الجبال في العالم؟ وكيف يستطيع العلماء تحديد أعمارها؟

جبل

قد تبدو الجبال قديمة، لكن بعضها ما زال في مقتبل العمر، في حين أن البعض منها قديم جدا من الناحية الجيولوجية. إذن، ما أقدم سلسلة جبلية؟ وماذا عن الأحدث؟

end of list

بشكل عام، السلاسل الجبلية الشاهقة مثل جبال “الهيمالايا” (Himalayas) تميل إلى الحداثة، في حين أن القمم الأقصر التي مرت بآلاف السنين من التآكل مثل جبال “الأبلاش” (Appalachians) في الشمال الشرقي من أميركا الشمالية غالبًا ما تكون أقدم، وفقًا للمتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك، ولكن نظرا لتضاريس الأرض المتغيرة بشكل مستمر، يصعب تحديد هذا ويتطلب فهمًا لكيفية بقاء وتآكل هذه القمم بمرور الوقت.

في التقرير الذي نُشر في السادس من فبراير/شباط الجاري، يذكر موقع “لايف ساينس” (Live Science) أن المناظر الطبيعية اليوم تتميز بسلاسل جبلية نشطة وخاملة وخاضعة لمليارات السنين من التحولات، وهذا هو سبب صعوبة تحديد عمر هذه القمم، وفقا لجيم فان أورمان عالم الكيمياء الجيولوجية في جامعة “كيس ويسترن ريزيرف” (Case Western Reserve University) في ولاية أوهايو الأميركية.

تتشكل معظم سلاسل الجبال بسبب الصفائح التكتونية، وهي الألواح العملاقة التي تشبه قِطع الألغاز التي تنزلق فوق وشاح الأرض، ويؤدي تحرك الصفائح التكتونية المختلفة -على مدى ملايين السنين- إلى ارتفاع سلاسل جبلية بأكملها لارتفاعات شاهقة.

 

الصفائح التكتونية

هناك نوعان رئيسيان من الحدود التكتونية، عند الحدود المتقاربة، حيث تتصادم الصفائح التكتونية، غالبا ما يتسبب التصادم في انزلاق الصفيحة الأقل كثافة، أو النزول إلى أسفل وإلى داخل الوشاح الأساسي أسفل الصفيحة الأخرى، وهذه القشرة الغارقة يمكن أن ترفع الأرض وتؤدي إلى ظهور سلاسل جبلية ضخمة، مثل جبال الهيمالايا التي تضم جبل إيفرست، كما قال فان أورمان.

من ناحية أخرى، تتكون حدود متباينة حيث تنفصل الصفائح التكتونية، فعندما تبتعد الألواح عن بعضها البعض، تتمدد القشرة وتصبح رقيقة، وترتفع الصهارة الساخنة لملء الفجوات التي تكونت، مُشَكِّلة الجبال والوديان مثل تلك الموجودة في منطقة “الحوض والسلسلة” غرب الولايات المتحدة وشمال غرب المكسيك.

 

التأريخ للجبال

هناك كثير من الفروق الدقيقة عندما يتعلق الأمر بتحديد أعمار سلاسل الجبال، ولنأخذ جبال الأبلاش على سبيل المثال، فقد بدأت السلسلة الجبلية في الارتفاع من حدود متقاربة منذ حوالي 470 مليون سنة، ونمت أطول بداية من حوالي 270 مليون سنة عندما اصطدمت القارات التي أصبحت في النهاية أميركا الشمالية وأفريقيا، وفقا لـ”هيئة المسح الجيولوجي الأميركي” (US Geological Survey).

وعلى مدى ملايين السنين التالية، أدت التعرية إلى تآكل ارتفاعها الأصلي، فالجبال التي نعرفها اليوم هي بفضل الارتفاع اللاحق الذي أعاد ارتفاعها إلى سابق عهده.

هذا الصعود والهبوط في الارتفاعات -الذي هو علامة مميزة للجبال- يجعل من الصعب وغير الموضوعي تحديد العمر الفعلي للسلاسل الجبلية، حيث يقول فان أورمان -في حديث مع لايف ساينس- إن جبال الأبلاش “لديها تاريخ معقد، فهناك عمر الصخور الأصلية، لكنها لم تكن سلسلة جبال عندما تحددت [أو تآكلت] لوقت طويل من تاريخها. إذن، كم عمرها الحقيقي؟”

 

أدوات للقياس

في حين أن تتبع الجدول الزمني لسلسلة جبلية ما أمر صعب، إلا أن الجيولوجيين لديهم أدوات لقياس عمر التكوينات الجبلية اعتمادا على نوع الصخور، فعندما تتشكل الصخور النارية والمتحولة، فإنها تولد المعادن والنظائر المشعة، أو أشكالا مختلفة من العناصر التي تحتوي على أعداد مختلفة من النيوترونات في نواتها، والتي يمكن تأريخها.

أما بالنسبة للصخور الرسوبية، فيستخدم الباحثون الأدلة العالقة في طبقات الصخور، مثل الحفريات أو الرماد البركاني، لقياس عمر الصخور، ويقول فان أورمان إن الرواسب الجبلية المتآكلة التي تنتهي في أحواض رسوبية قريبة يمكن أيضًا تتبع تاريخها إلى منشأها وتأريخها بشكل مناسب.

ومن خلال هذه القياسات، يمكن للجيولوجيين أن يعزو طيفا من الأعمار النسبية لبعض التضاريس الجبلية للأرض؛ فعلى الجانب الأقدم، “جبال ماخونجوا” (Makhonjwa Mountains) في جنوب أفريقيا، التي يتراوح ارتفاعها ما بين 600 إلى 1800 متر، تحتوي على صخور يبلغ عمرها 3.6 مليارات عام، وفقا لمرصد الأرض التابع لوكالة “ناسا” (NASA).

كما أنه من الممكن أن تكون الألواح القديمة الأخرى التي تشكل قلب القارات، والتي تسمى “كراتون”، قد كانت جزءا من سلاسل الجبال يوما ما، ويمكن العثور عليها في غرينلاند وكندا وأستراليا وخارجها.

 

ما الجبال الأحدث؟

هناك سلاسل جبلية أخرى تعود إلى تاريخ جيولوجي أكثر حداثة، فعلى سبيل المثال، بدأت السلسلة الموجودة في منطقة “الحوض والسلسلة”، مثل “سلسلة جبال الأفعى” (Snake Range)، في الظهور منذ حوالي 30 مليون سنة، وقد ظهرت جبال بركانية منفردة خلال المليون سنة الماضية، مثل جبل “بركان باريتسوتين” (Parícutin)، الذي ظهر بشكل غير متوقع من حقل ذرة خلال ثوران بركاني عام 1943 في المكسيك، وفقًا لمتحف سميثسونيان الوطني (الأميركي) للتاريخ الطبيعي.

لا يزال علماء الجيولوجيا يبحثون متى وكيف تشكلت سلاسل الجبال المختلفة على الأرض، حيث يمكن لاستكشاف هذه الجداول الزمنية الصعبة أن ينقل إلينا رؤى حول المناخ العالمي الماضي والتنوع البيولوجي، حيث تؤثر هذه القمم الهائلة على دوران الهواء والتبادل الجيني.

ويقول فان أورمان “إنها تساعد في إعادة بناء تاريخ الأرض بأكمله، بالعودة إلى الوراء في الزمن، فإن الدليل الحقيقي الوحيد الذي لدينا على [حركة الصفائح] هو النظر إلى هذه الحزم الجبلية القديمة”.

المصدر : لايف ساينس + مواقع إلكترونية + ناسا
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار