كاتب يهودي: ربع اليهود الأميركيين يعتبرون إسرائيل دولة فصل عنصري

حاجز

أظهر استطلاع حديث للرأي أن ربع اليهود الأميركيين يعتبرون إسرائيل “دولة فصل عنصري”، ولذلك لم يعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جزءا من القضايا الرئيسية في الولايات المتحدة، ولكنه كلما وقع نزاع مسلح بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تكون هناك تعبئة لصالح إسرائيل، إلا أن الظاهرة اللافتة للنظر هي أن انتقاد إسرائيل أصبح الآن أكثر وضوحا.

وتلخص الفقرة أعلاه إلى حد كبير الحوار الذي أجراه موقع “أوريان 21” (Orient XXI) الفرنسي مع بيتر بينارت مدير المجلة اليهودية التقدمية “تيارات يهودية” (Jewish Currents) حول تطور آراء الأميركيين والجالية اليهودية في الولايات المتحدة تجاه إسرائيل.

وانطلق الحوار من إعلان لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) -وهي اللوبي الرسمي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة- يوم 15 مارس/آذار 2022 عن قائمة الحاصلين على دعمها المالي لانتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وأشار الموقع إلى أن بين الفائزين بهذا الدعم 40 مرشحا جمهوريا من السياسيين الأكثر تطرفا وممن ما زالوا غير قابلين بانتخاب الديمقراطي جو بايدن للرئاسة، ويرفضون النأي بأنفسهم عن مثيري الشغب من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب الذين استولوا على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 لمنع تنصيب الرئيس الجديد.

وقال ريتشارد هاس -وهو دبلوماسي أميركي سابق ورئيس مجلس العلاقات الخارجية المتخصص في القضايا الدولية- إن دعم أيباك للسياسيين الأميركيين الذين يعملون على “تقويض الديمقراطية” يمثل “إفلاسا أخلاقيا” للوبي، كما وصف آبي فوكسمان -وهو رئيس رابطة مكافحة التشهير، وهي أكبر منظمة تكافح معاداة السامية في أميركا- منظمة أيباك بأنها “ترتكب خطأ محزنا”، ورد اللوبي بأن “الآن ليس الوقت المناسب للحركة الموالية لإسرائيل للاختيار بين أصدقائها”.

 

تعامل أيباك مع الحزبين

ذكر بينارت في بداية ملاحظاته أن الولايات المتحدة ديمقراطية حديثة العهد، ولا تزال تحمل العديد من الأعراف الاجتماعية من ماضيها رغم أنها أصبحت أقل بياضا بسبب قوانين الهجرة التي سمحت بتوطين عدد كبير من غير ذوي الأصول الأوروبية، مما أدى إلى فوز باراك أوباما عام 2008، إلا أن رد الفعل الذي ولّدته هذه العملية تلخص في أنه إذا كانت الديمقراطية ستؤدي إلى فقدان هيمنة البيض فلا نريدها، مما أدى إلى انتخاب دونالد ترامب.

من ناحيتها، ظلت أيباك تاريخيا -حسب بينارت- تعمل بهدف الحفاظ على اتفاق داخل الحزبين لدعم إسرائيل، لكن المناخ السائد الآن في الولايات المتحدة أفرز تمسك الجمهوريين الصريح باليمين الإسرائيلي المتطرف، في حين ينتقد الديمقراطيون سياسة الاستيطان الإسرائيلية رسميا، وقد أدى هذا إلى قرار أيباك الداعم للمعسكر الموالي للمشاغبين في 6 يناير/كانون الثاني 2021 نتيجة الخلاف المتزايد بين المعسكرين.

ويقول بينارت إن جزءا من الأميركيين عاشوا لحظة فوز بايدن رسميا على أنها “ثورة” رغم أنها ليست سوى انتخاب رئيس جديد، في حين كان مؤيدو الحزب الجمهوري الغاضبون مقتنعين بأن الانتخابات قد سرقت منهم، وهذا هو سبب أهمية قرار أيباك بدعم المسؤولين المنتخبين الذين يرفضون نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ويرفضون فصل أنفسهم عن المشاغبين من مؤيدي ترامب.

وأضاف أن ذلك يدل على أن تعامل أيباك مع الحزبين انتهى، وهي الآن تتحالف مع المعسكر الذي يدعم إسرائيل تحت كل الظروف، ولا يهمها حقيقة أن هذا المعسكر يقود المعركة ضد الديمقراطية في الولايات المتحدة.

أميركيون يهود وليس يهودا أميركيين

ويقول بينارت إنه في هذا السياق يوجد استقطاب متزايد داخل يهود أميركا بعد أن كان هناك معسكر “وسطي” كبير في الجالية اليهودية يتألف من يهود ينتمون إلى كنيسين يهوديين، أحدهما “إصلاحي” والآخر “محافظ”، وهما لا يتبعان القواعد الدينية لليهودية بدقة، وينخرط فيهما معظم يهود أميركا.

وأشار إلى أن غير المتدينين من اليهود الأميركيين يساريون، ومعسكرهم يبتعد أكثر فأكثر عن إسرائيل، إذ يعرّف الشباب اليهود التقدميون أنفسهم بأنهم أميركيون يهود وليسوا يهودا أميركيين على عكس الجيل السابق، وبالتالي فإن هويتهم الأميركية أقوى من هويتهم اليهودية، لا لأنهم يكرهون إسرائيل، بل لأن إسرائيل ليست همهم الأساسي، مع أن بينهم من لا يزالون يعرفون بوضوح أنهم يهود ولكنهم من أشد منتقدي إسرائيل.

يجب أن نعبر نقطة التفتيش

ونبه بينارت إلى أن من بين قراء مجلة “تيارات يهودية” التي يشرف عليها يوجد يهود قد اندمجوا في اليسار الراديكالي بالمعنى الواسع المرتبط بالنضال لصالح السود والمهاجرين والفلسطينيين، ومن بينهم حركة “جيه- ستريت” (J-Street) التي تمثل من يقولون “نحن اليهود الطيبون الذين يريدون إنقاذ إسرائيل من نفسها”.

واعتبر أن هذه الحركة التي تتصاعد اليوم لم تعد تنوي التعبير عن نفسها باسم “القيم اليهودية”، ولكن باسم القيم العالمية ومناهضة العنصرية والاستعمار.

وأوضح بينارت أن أيباك استثمرت بشكل كبير في إيجاد حلفاء لإسرائيل داخل الأميركيين السود وحققت بعض النجاح، ولكن السود الذين زاروا إسرائيل وذهبوا إلى الأراضي المحتلة عاشوا وبشكل مباشر تجربة الفلسطينيين في ظل الاحتلال، فقبل سنوات نُقل أميركيون سود منتخبون كانوا في زيارة لإسرائيل إلى إحدى نقاط التفتيش، وقد صدموا لدرجة أنهم بدؤوا في الغناء معا “سنعبر نقطة التفتيش” التي أصبحت أشهر أغنية احتجاج أميركية.

تحالف الأرثوذكس المتطرفين والإنجيليين

مع أن بينارت يرى أن لدى الجمهوريين اليمينيين فرصة جيدة للفوز في الانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل إلا أنه لا يخفي تفاؤله النسبي، لأن المدى الطويل ليس في صالح اليمين بسبب التطور الديمغرافي الذي لا يصب في مصلحة البيض ولا في صالح المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، إذ أظهر استطلاع حديث للرأي أن ربع اليهود الأميركيين يعتبرون إسرائيل “دولة فصل عنصري”.

ونبه إلى أن خطورة الأحداث في الشرق الأوسط وتصدرها عناوين الصحف وانتشار صور القوات الإسرائيلية وهي تقصف المباني المدنية في غزة سوف تعمق الانقسام داخل الديمقراطيين، مشيرا إلى أن الحرب الأخيرة على غزة اضطرت مؤيدا دائما لإسرائيل مثل السيناتور الديمقراطي تشاك شومر إلى النأي بنفسه عن القصف الإسرائيلي.

ويبدو أن الجمهوريين في دعمهم غير المشروط لإسرائيل -كما يقول بينارت- أكثر صدقا من الديمقراطيين، ولذلك لم تعد أيباك تعتمد على سياسة دعم “الحزبين” لإسرائيل، وهو ما يعني أن العديد من الديمقراطيين المنتخبين سيعبرون عن آراء مختلفة تماما عما يعبرون عنه اليوم إذا شعروا أن تغيير موقفهم تجاه إسرائيل لن يكلفهم سياسيا، وذلك ما يصدق بشكل متزايد على بعض قادة الجالية اليهودية الأميركية.

وختم مدير المجلة اليهودية بأن الأصوات الرئيسية المؤيدة لإسرائيل اليوم هي تلك المحافظة، مشيرا إلى تطور واضح في وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية، مثل “إم إس إن بي سي” (MSNBC) و”نيويورك تايمز” (The New York Times) و”واشنطن بوست” (The Washington Post) و”سليت” (Slate) التي أصبح الفلسطينيون يقدَّمون فيها بصورة أكثر ملاءمة.

المصدر : أوريان 21
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار