وردة الجزائرية والمقلوبة الفلسطينية

‎⁨حمزة البشتاوي⁩

منذ ما قبل انتصار ثورتهم يحمل الجزائريون لفلسطين وشعبها حباً و تقديرا عاليا، و كذلك كانت الفنانة وردة الجزائرية بحب كبير تعتقد بأن العلاقة ما بين فلسطين والجزائر تنطلق أساساً من تجربة الشعبين في مواجهة الاحتلال والاستعمار والنضال من أجل الحرية والعدالة.

وفي جلسة لها مع أحد الأصدقاء الفلسطينيين قالت الفنانة وردة: إن الإستعمار الذي إستمر وجوده على أرض الجزائر مائة وثلاثين عام لن يطول وجوده إلى هذا الوقت على أرض فلسطين التي سوف تنتصر كما انتصرت الجزائر و هذه مسألة حتمية. و وردة التي كانت تتمتع بثقافة عالية ليس فقط في مجال المسرح والموسيقى والسينما بل أيضاً في السياسة وثقافة مقاومة المحتل استنادا إلى تجربة والدها الذي كان يخبئ الأسلحة للثوار في المطعم الذي كان يملكه في باريس حيث بدأت فيه وردة الغناء باللغة الفرنسية ، ولكن حين اكتشفت المخابرات الفرنسية عمل والدها لصالح الثورة الجزائرية ،اضطرت العائلة للسفر إلى لبنان وهناك بدأت علاقة وردة مع الجمهور في العالم العربي بدءاً من إطلالتها المميزة في أوبريت الوطن الأكبر ،ثم من خلال رحلتها الفنية الطويلة وأغنياتها وصوتها اللذان أصبحا جزء من حياتنا وأحلامنا الرومانسية خاصة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي والتي ملأتها وردة بإطلالتها المميزة والساحرة في الكثير من الحفلات و المهرجانات الفنية.

وفي إحدى حفلاتها في الأردن تعرفت الفنانة وردة وأبنها الدكتور رياض قصري على الشابة الفلسطينية يولا دهشان التي أصبحت جزء من العائلة بعد زواجها من الدكتور رياض وعاشا معظم أوقاتهم مع وردة التي تحب الحياة العائلية وتجمعها بشكل دائم على سفرتها وهي كانت طباخة ماهرة تقاوم المرض بالطعام اللذيذ والفرح وتتحدى بشجاعة فائقة كل الظروف الصعبة التي واجهتها، ومن كثرة حبها للتحدي قامت وردة بعرض التحدي على زوجة أبنها حول من تصنع أطيب أكلة في البيت وبعد قبول التحدي طبخت وردة أكلت السمان المحشي التي تحبها كثيراً وفي اليوم التالي أعدت زوجة إبنها أكلة المقلوبة وعندما تذوقتها وردة قالت: إنها أطيب حتى من سمك الجزائر الذي أحبه محمود درويش وسئلت عن طريقة إعدادها فقالت زوجة أبنها: هي لا تؤكل إلا جماعة وفي فلسطين يضيفون إليها توابل الصمود وحب الأرض وفيها نكهة ليمون يافا وزيتون القدس ونابلس وحقول وسهول فلسطين، وقالت لها أيضاً: حدثتني والدتي بأن مهر جدتي كان قدر نحاس يتم وضع اللحم في أسفله ومن ثم الخضار ثم الأرز وبعد الطهي يتم قلبها في صينية وتجتمع حولها العائلة.

ومنذ ذاك التحدي بقيت المقلوبة من الوجبات الأساسية في منزل وردة التي رحلت بعد حياة حافلة بالفن والحب للجزائر وفلسطين.

حمزة البشتاوي

كاتب وإعلامي

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

1 فكرة عن “وردة الجزائرية والمقلوبة الفلسطينية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار