رسالة الى أحمق لا يقرأ/ بقلم: الأديب والكاتب محمد علي طه


قرعوا الباب في الليل الدّامس وصرخوا: انهض! قلتُ: لا أفتح باب بيتي لشخصٍ لا أعرفه. يبدو أنّك وقح أيّها الطّارق. أقول لك هذا بيتي وتدّعي ألّا بيت لي فمن أعطاك هذا الحقّ كي تزعم بأنّ البيت لك، وأنّ الهواء لك، وأنّ الماء لك، وأنّ ما لك لك، وماليَ لك.

لن يتحقّق لك ذلك يا مغرور!
تحاول أن تطردني من بيتي وتسلبني بئري زيتونتي وصبّارتي وياسمينتي وميرميّتي وزعترتي، وتسرق خبز أولادي وفرحهم.
أيّ قانون هذا الذي شرعنته؟! انا لا أعترف بشرائعك وبقوانينك فما أرخص من الحبر عندك سوى الورق.
أُدرك أنّك الأكثريّة في حارتنا وفي البرلمان، وأعرف جيّدًا أنّ رئيس الحكومة من قبيلتك، وأنّ وزير الدّاخليّة من طينتك، وأنّ القضاة من أسرتك، وأعرف أيضًا المثل القائل “اذا كان حاكمك ظالمك تشكو أمرك لمين؟” ولكنّ والدي، رحمه الله، علّمني أنّ الكفَّ تلاطم المخرز من كثرة تعوّدها على الصّدمات والنّكبات والانتكاسات فلا أخافك ولا أهابك بل أشفق عليك لأنّك غبيّ، وهذا الغباء يقودك إلى شرعنة قانون الطّرد من الوطن لمن لا يروق لك، ويقودك لتطرق باب بيتي في اللّيل الدّامس.
ألا تعلم يا غبيّ أنّ قَدميّ منغرستان في تراب الوطن مثل شجر السّنديان وصامدتان مثل صخرة حطّين؟
حاول الصّليبيّون طردنا بعدما احتلوا ساحلنا وقُدسنا وأقصانا وصخرتنا وقيامتنا وارتكبوا المذابح وسجنوا وأسروا وعذّبوا وسلبوا ولكنّنا بقينا مع السّنديان والزيتون وينابيع المياه، بقينا مع الطّور والجرمق والكرمل، وبقي الصبّار في الطّيرة والجاعونة وأم الزينات، وبقي الرّمان في صفّورية واجزم.
سرقتم البيّارات وبقيَ لنا عبير البرتقال.
وحاول العثمانيّون أن يصادروا حرفنا ولساننا وكتبوا علينا العمي والصّمم والجهل والفقر وأمّا نحن فتمسّكنا بالتّراب. وبقينا وبقي الزّيتون والزّعتر معنا. وبقي الوطن يبتسم لنا.
وجاء الإنكليز مغرورين بأنّ الشّمس لا تغيب عن إمبراطوريتهم، وأجبرونا على شرب الماء الممزوج بالملح في الأيام الحارّة، وعلى أن نمشي حفاة على أشواك الصّبّار. وجلدوا ظهورنا السّمراء بأسواط من جلد الفيل، وسرقوا قمحنا وخبزنا فأكلنا الجراد والكراديش وبقينا منغرسين في الجليل والمثلث والنّقب وفي السّاحل وفي الدّاخل.
ألا تفهم يا غبيّ؟ ألا تتعلّم من التّاريخ يا مغرور ويا أحمق؟
حبّذا لو أنّك تقرأ رسالتي يا عدوّ الحرف والكلمة!
لو كنت تعرف القراءة ما أقدمت على محاولتك الخسيسة.
أنت أُمِيّ وجاهل وأحمق ومغرور.
هل يسمح لي السّيّد ليبرمان أن أستعير منه الصّفة التي أطلقها على نتنياهو وأنعتك بها؟ كم هي ملائمة لك!
قد يكون اسمك كذا مذا وقد تكون فلانًا أو علّانًا، وقد تُدعى كهانا أو غولدشتاين: دُقّي دُقّي يا مزّيكا.
لن يكتب قلمي اسمك.
خبّر من يرعاك: أنا باقٍ باقٍ باقٍ!!!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار