كيف ستنعكس عودة العلاقات السعودية الإيرانية على القضية الفلسطينية ؟

السعوديه ايران

شيماء عيد

أجمع محللون وخبراء سياسيون، أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، سيكون له انعكاسات إيجابية وقوية على المنطقة والإقليم بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص.وقد أعلنت إيران والسعودية،أمس، الجمعة، خلال بيان مشترك، الاتفاق على استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين، وإعادة فتح السفارات والممثليات في غضون شهرين.

ووفق بيان ثلاثي، فقد جرى الاتفاق السعودي الإيراني بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ لتطوير علاقات حسن الجوار بين الرياض وطهران.

وقد لاقت هذه الخطوة ترحيب عربي ودولي وفلسطيني، إذ اعتبرتها حركة (حماس) خطوة مهمة تصب في صالح القضية الفلسطينية ودعم صمود الشعب في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل.

ورأى المحللون خلال حديثهم مع “دنيا الوطن”، أن أبرز تداعيات توقيع الاتفاق، ستتمثل بتراجع اتفاقيات التطبيع، وسيقطع الطريق على موضوع التطبيع مع السعودية أو حتى مع غيرها من الدول العربية.

بدوره، قال المحلل السياسي، حسن عبده، إن: “هذا الاتفاق سيكون له تداعيات على اتفاقيات أبراهام التي وقّعها الاحتلال الإسرائيلي مع الدول الخليجية ومحاولة بناء ما سُمي تحالف (ناتو عربي – إسرائيلي)، فالاتفاق بين السعودية وإيران يعني الذهاب نحو اتفاقيات خليجية تضمن السلم والأمن، وتعزيز العلاقة بين إيران والدول الخليجية، مما سيقطع على إسرائيل أي محاولات لدخول منطقة الخليج وجعلها مجالاً حيوياً لضرب إيران”.

وتابع خلال حديث خاص لـ”دنيا الوطن” أن: “من أهم تداعيات توقيع الاتفاق، تراجع اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي”. مشيرًا إلى أن: “مسار العلاقات إذا بقي يسير في اتجاه إيجابي فإن ذلك سينعكس على كافة النزاعات في المنطقة وعلى رأسها الحرب في اليمن والساحة العراقية والساحة السورية ولبنان وكل هذه الساحات وهذه الدول حيث أن هناك تأثير واضح لكل من الدولتين فيهما”.

وأوضح أن: “التوافق بين السعودية وإيران يعني التوافق نحو إنهاء الحرب في اليمن والتوافق من أجل صالح العراق وعودة العلاقات مع سوريا والتوافق في الساحة اللبنانية بما يخدم الشعب اللبناني وحل النزاعات وتسويتها بالمنطقة هو لا يفيد إسرائيل”.

ولفت إلى أن: “إسرائيل تعمل دائماً على زيادة النزاعات وعلى الفصل والعزل بين الدول من أجل أن تستفرد بكل دولة على حدة وأن يكون لها نشاط حيوي بالمنطقة وضد لإيران كعدو مركزي”.

واستدرك عبده القول: “هذه الاتفاقية برعاية الصين تعني أن هناك تراجع لدور الولايات المتحدة في المنطقة، وأن الصين تدخل في منطقة هي كانت حصًرا للولايات المتحدة وبالتالي ذلك ينم عن زيادة النفوذ الصيني، ويؤكد أيضًا بأن دول المنطقة يمكن تسوية نزاعاتها بما بينها الأمر يقطع التدخلات الخارجية بالمنطقة”.

وشدّد على أن: “إسرائيل منذ الأمس لديها ما يشبه مأتم، حيث اعتبرت بأن الانشغالات الداخلية أشغلتها عن ملفات مهمة بالمنطقة، وأن الصراع القائم بين المعارضة والحكومة والتصعيد مع الفلسطينيين أشغلهم عن ملفات مهمة جدًا مثل هذه الاتفاقية، وإمكانية أن تكون إيران دولة تحفظ السلم والأمن مع الدول العربية في حسن الجوار، وهذا ما يقلق إسرائيل التي تسعى دائما لزرع النزاعات والاستفراد بالدول كل على حدة.

في حين، يرى المحلل السياسي، طلال عوكل، أن: “ما حدث مهم جدًا، ويؤشر إلى تحولات ليست في الإقليم إنما على المجتمع الدولي، بمعنى أن المنطقة سواء إيران أو السعودية لم يعودوا محكومين للسياسة الأميركية والمصالح الأمريكية الإسرائيلية”.

وقال عوكل، إن الاتفاق: “سيقطع الطريق على موضوع إسرائيل والتطبيع مع السعودية أو حتى مع غيرها من الدول العربية، حيث قيل أن هناك جهد أميركي وإسرائيلي لدفع أربع دول عربية إفريقية لتطبيع علاقاتها بإسرائيل، على الأرجح أن بعض هذه الدول على الأقل سيتردد في أن يفعل ذلك بعد هذا الإعلان”.

وأصاف: “ثانياً هذا مفتاح لحل بعض القضايا والأزمات في المنطقة كموضوع اليمن وسوريا ولبنان بالإضافة إلى أنه يقطع الطريق أمام إسرائيل التي تحاول أن تبني حلفاً عسكرياً أمنياً ضد إيران، لذلك نحن أمام تطور مهم والفلسطينيون هم أصحاب مصلحة في معالجة الأزمات العربية والإقليمية لأنه هذا سيوحد المسلمين خلف القضية الفلسطينية”.

وفيما يخص ردود الفعل الإسرائيلية بشأن توقيع الاتفاق، فقال عوكل، إن “ردود الفعل الإسرائيلية بهذا الشأن متنوعة، بمعنى أن السياسة الرسمية والناطقين الرسمين اعتبروا ذلك صفعة للولايات المتحدة وحكومة لبيد السابقة لأنهما كانتا مترددتان في التعامل مع إيران، وجماعة لبيد اعتبروها هزيمة لنتنياهو الذي لم ينجح في أن يحافظ في توسيع خط التطبيع، لافتًا إلى أنه: “في النهاية هذا أو ذاك الموضوع أكبر من أن يكون مسؤولية هذا الطرف أو آخر في إسرائيل، وهي مسؤولية تاريخية لها علاقة بمدى الظلم الذي تمارسه الولايات المحتدة وإسرائيل بحق مصالح وإسرائيل”.

وبشأن عودة علاقاتها مع حركة (حماس)، يرى المحلل السياسي أن “ما حصل  ينطوي على توجهات سبقت هذا الاتفاق الثلاثي في الصين، وذلك عندما وافقت السعودية والدول العربية النفطية في إطار (أوبك بلس) على عدم زيادة الإنتاج، وبدى وكأن ذلك تأثراً بالسياسة الروسية، وفي حينها أبدت الولايات المتحدة امتعاضها، ولكن ذلك كان مؤشرًا أن العرب بدؤوا يبحثون عن مصالحهم واستراتيجيتهم الخاصة بعيدًا عن هيمنة الأطراف الأخرى”.

وواصل حديثه: “وهذا هو خيار السعودية الي سينعكس بالتأكيد في سياستها باتجاه كل المكونات المهمة، وحركة حماس مكوّن مهم في الموضوع الفلسطيني الإقليمي، فمن المتوقع أن تشهد العلاقات انفراجات خاصة أن إسرائيل لا تبقِ للصلح مطرحًا، في مستوى من الفاشية لا تستطيع معه أي قوة بأن تتجاهل ضرورة تقديم الدعم للفلسطينيين”.

من جانبه، قال المحلل السياسي أيمن الرفاتي، إن: “التقارب الايراني السعودي أزعج دولة الاحتلال بشكل كبير جدا وتنظر إليه دولة الاحتلال بأنه تراجع في سياستها التي أرادت من خلالها خلال الفترة الماضية التقارب مع السعودية والتي كانت الهدف الأول لحكومة نتنياهو التي أعلن عنها منذ بداية تشكيل هذه الحكومة”.
وأضاف:”دولة الاحتلال ترى بأن هذا التقارب بين إيران والسعودية سيضر بمصالحها في ظل رغبتها الدائمة لعزل الدول العربية عن أي محيط إسلامي أو عربي أو أي ارتباط بالقضية الفلسطينية، وبالتالي ترى أن هذا التقارب الذي جرى بين السعودية وإيران سيؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية لأي توجهات إسرائيلية في المنطقة خلال الفترة المقبلة”.
وتابع:”وأيضًا سيؤدي إلى إخراج الدول الخليجية من حالة الابتزاز الأميركي والإسرائيلي تجاه إيران وتجاه السياسات الإسرائيلية التي تريد من جلالها إسرائيل تجيش وتجنيد الدول العربية معها لمواجهة إيران خلال الفترة المقبلة”.

 

 

ويعتقد الرفاتي أن: “إسرائيل ترى بأن التوجه الجديد وهذه العلاقات الجديدة ستعقّد من امكانية مواجهة دولة الاحتلال بالتعاون مع الدول العربية لإيران، كما وستعقّد من إمكانية توجيه ضربة إسرائيلية لإيران خاصة أن إسرائيل كانت تعد خلال السنوات الماضية الدول الخليجية لتكون بمثابة شواخص لإيران يتم استهدافها في حال قامت إسرائيل باستهداف الجمهورية الإيرانية”.

 

 

وبيّن أن: “ما جرى سيؤثر على هذه الحسابات الإسرائيلية خاصة أنه في حال ذهبت خلال الفترة المقبلة لتوجيه ضربة لإيران فإن الضربة الإيرانية ستكون مركزة على دولة الاحتلال، وهناك خشية إسرائيلية من أن هذا التقارب ما بين إيران والسعودية سيؤدي إلى تقارب بين دول خليجية أخرى مع إيران خلال الفترة المقبلة الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع في مشروع التطبيع بين دولة الاحتلال والدول الخليجية”.

 

 

وفيما يخص القضية الفلسطينية وانعكاساتها عليها، قال الرفاتي، :”بالتأكيد عودة العلاقات السعودية الإيرانية تصب في صالح القضية الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، وستؤدي ربما لتعزيز الموقف تجاه القضية في ظل أن العلاقات الإيرانية السعودية كان هناك جزء منها بحالة التوتر فيما بينهم تتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ كان هناك مطالب سعودية من الفصائل الفلسطينية لإعادة علاقتها معها لوقف العلاقات مع إيران، وكان هذا جزء من الاشتراطات على الفصائل الفلسطينية وهذا ظهر في الإعلام خلال السنوات الماضية”.

 

 

وتابع القول: “اليوم هذا التقارب سينهي هذا الخلاف وسيكون إيجابي للفصائل الفلسطينية التي ربما تستغل هذا التقارب وخاصة حركة حماس التي ستسعى خلال الفترة المقبلة لتحسين العلاقات بينها وبين السعودية وإنهاء حالة الخلاف التي كانت خلال الفترة الماضية والتي تسببت باعتقال أكثر من 60 فلسطينياً على علاقة بحركة حماس والقضية الفلسطينية”.

 

 

ويرجّح أن: “ما يجري من عودة العلاقات بين السعودية والجمهورية الإيرانية سيؤدي إلى تراجع الضغط الأميركي على السعودية وتراجع الضغط الإسرائيلي أيضًا من خلال الإدارة الأمريكية على السعودية لتطبيع العلاقات وسيعطي السعودية دورًا اقليميا أكبر وهذا ما تسعى إليه السعودية خلال الفترة الحالية.

واستطرد القول أن: “هذه الفترة تمثل ضغطًا من السعودية من ناحية ثانية على الولايات المتحدة الأميركية التي لا زالت ترفض إعطاء السعودية ما تطلبه من مطالب تتعلق بقضية أن تصبح دولة إقليمية في المنطقة وأن تملك أسلحة متطورة في ،ومن ناحية ثانية سيؤدي هذا الأمر إلى عدم استمرار ارتباط الاقتصاد السعودي بالإدارة الأمريكية والتوجهات الأميركية وهذا ربما يحمل مؤشراً ايجابياً للسعودية خلال الفترة المقبلة”.

 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار