عزيزتي المرأة اختاري العيش بكرامة وسعادة

عزيزتي المرأة اختاري العيش بكرامة وسعادة

*****************************

تسلَّلت الجملة الى أذني، فكان تأثيرها بقلبي كفِعل النّار في حزمة قشِ جافِ في يومٍ قائظ. ” الجيزة سترة يا بنيْتي، قالتها امرأة، يبدو من ملامح وجهها أنها قد تعدّت الستين من عمرها، لإحدى الشّابات التي دخلت المكان وصافحتها وجلست الى جانبها وتبيّن أنها كانت جارة أهلها قبل أن ينتقلوا للسّكن في مكان آخر. وبعد السلام والاستفسار عن الأحوال، اكتشفت المرأة عيب الصبية، التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها بعد، بحسب ما تسلل الى مسمعي ومسامع آخرين تواجدوا في غرفة الانتظار في عيادة طبيب اختصاصي، اليوم صباحًا الفاتح من أيار عام 2023. لقد اكتشف هذه المرأة الستّينية، أن الصبية ما زالت عزباء، فراحت تُسدي لها النُصح وتعدّد لها مزايا مؤسسة الزواج. أي مصادفة هذه التي ساقتني هذا اليوم لأرافق أحد أفراد العائلة الى عيادة هذا الطبيب فأسمع مثل هذا الحوار الذي يرفع ضغط الدم ويحرق الأعصاب؛ بالذات هذا اليوم وقد امتلأ قلبي حزنًا وأسى، منذ سماعي صباح اليوم خبر مقتل أمٍ وطفليْها من مدينة الطيبة، على يد زوجها دون ذنبٍ جنوه؟ لقد انشغلت بالتفكير منذ لحظة سماع الخبر المفجع لإيجاد أجوبة عن أسئلة عدة مثل: “ما الذي دفع الأم الضحية لأن ترتبط بشخص غير سوي نفسيًا؟وعمومًا؛ ما الذي يجعل فتاة توافق على الارتباط برجل مدمن على الكحول مثلًا، أو عاطل عن العمل، أو عنيف، أو منتمٍ لإحدى العصابات مثلًا أيضًا؟ هل لكي تنجب الأطفال الى دنيا لم تعد مناسبة لبراءتهم؟ أم لتُجنّب نفسها لقبعانس؟ أم لاعتقادهاأن ضل راجل ولا ضلّ حيطةكما يقول إخوتنا المصريون؟ أم لأن المجتمع الذكوري والمحافظ والمتدين قد ربّاها على أن الزواج هو تكملةً للدين، وأنه سُترة؟

هممتُ أن أتدخل، وأُسمِع رأيي للمرأة بالنسبة لما تفوهت به عن الزواج، لكنّي عدلت عن ذلك وآثرت الصمت.

هذه المرأة تمثّل شريحة واسعة من المجتمع العربي المتديّن أو المحافظ الذي يعتقد أن زواج الفتاة هو سترة لها، وهنا لن أخوض بالعوامل والأسباب التي أدت بهذه الشريحة الى هذا الاعتقاد حتى لا أطيل عليكم، ولأن هدفي من هذه المقالة هو تسليط الضوء على مفهوم خاطئ، على الأقل بالنسبة لي، ألا هو أن الزواج سترة. فكيف يكون زواج الفتاة سترة لها وحوادث قتل الزوجات على يدِ أزواجهن في مجتمعنا تزداد يومًا بعد يوم؟ كيف يكون سترة، وحوادث العنف ضد الزوجات من قبل أزواجهن في تصاعد؟ كيف يكون سترة، وعشرات الزوجات مشرّدات أو قابعات في ملاجئ خوفًا عليهن من القتل أو التعنيف؟ كيف يكون سترة، وزوجات كثيرات يذقن المّر حتى يحصلن على طلاقهن من أزواج خيّبوا ظنهم وأذاقوهن من المّر أمرّه؟ كيف يكون سترة وزوجات كثيرات اضطررن للعمل في تنظيف البيوت وغيرها لإعالة عائلاتهن لأن أزواجهن عاطلون عن العمل، أو لأنهم مدمنون، أو لأنهم يقبعون في السجون عقابًا لهم على تورّطهم في جرائم، وأعمال مخالفة للقانون.

الزواج هو ارتباط مقدس، يجب أن يُبنى على الوّد والتفاهم، وتقبّل الآخر واحترامه، وثمرته أبناء وبنات ينشؤون في أسرة تأمّن لهم حاجاتهم الشعورية والمادية ولا تحرمهم من براءتهم. إذا كان الزواج هكذا، وسيحفظ للمرأة كرامتها وإنسانيتها، فليكن؛ أما إذا كان سببًا في إهانتها وإذلالها وإذاقتها المّر وملء قلبها لوعة على أطفالها، فهو فضيحة وليس سترة؛ وعندها الأفضل أن تختار المرأةضلّ حيطة ولا ضّل راجل“.

***************************

بقلم الكاتبة؛ جميلة شحادة / الناصرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار