
توفيق عبد العال فنان تشكيلي فلسطيني (1938-2002) من مواليد عكا. أقام معرضه الأول – وهو طفل في التاسعة في إحدى مدارس عكّا عام 1948، بإشراف أستاذه الرسّام جورج فاخوري. وبعد نكبة 1948 انتقل إلى لبنان ، حيث عاش فيها حتى وفاته عام 2002.
حياته المهنية
أقام معرضه الأول الذي لفت إليه الأنظار عام 1962 في مدينة عاليه اللبنانية. وفي عام 1963 أقام معرضاً في قرية برمانا اللبنانية . وفي عام 1966 أقام معرضاً في بيروت ( 48 لوحة ). وفي عام 1968 أقام معرضاً في ليبيا ثمّ في دمشق . وفي عام 1971 أقام معرضاً في بغداد ( 30 لوحة زيتية ). وفي عام 1980 ، أقام معرضاً في ليبيا ثمّ في دمشق . وفي عام 1982 ، أقام معرضاً في بيروت بعنوان ( فلسطين في الحلم والألوان ). وفي عام 1993 – أقام معرضاً في صالة الشعب بدمشق وكرّمته نقابة الفنون الجميلة بإقامة ندوة عن فنه . وفي عام 1993 ، أقام معرضاً في مخيم اليرموك.
كان توفيق عبد العال فناناً دائِم القلق، لهذا تنقل بين الواقعية والرمزية والتعبيرية والسريالية ، ومارس الرسم والتصوير والنحت والتخطيط. تزوّج من باكرية الأكحل شقيقة الفنانة تمام الأكحل والنحات أكرم الأكحل.








———————————————————————————————————————————————————–
تغريدة الصباح– عاشق من عكا

صفحة مضيئة في تاريخ الوطن، وفي تاريخ مقهى القسيس، طواها الزمن، لكن ذكراها لم تستطع السنون النيل منها. لا يحضر الوطن الا وحضر معه الفنان التشكيلي العكاوي، توفيق عبد العال.. في الثالث من آذار، صادف ذكرى ميلاد الفنان.. فكل عام وانت وذكراك بالف خير.. وسنحتفل ونحتفي بحضورك.. لا بغيابك. لأننا بالفرح نستحضر روحك. وبشموخ حصانك وتطاوله نحو السماء، وبألوانك الزاهية، تمدنا بطاقة الاستمرار على طريق العودة، والعناد على تحقيق حلمك بالعودة الى عكانا.
عكا التي سكنت وعي الفنان، وانطبعت في ذاكرته الغضة، بكل تفاصيل زواريبها، وعبق بحرها، ومساجدها وكنائسها، وحماماتها، أعاد تشكيلها في المنفى، عبر الريشة واللون، والإزميل والخشب، وعبر الكلمات.
اعتاد الفنان توفيق عبد العال، الجلوس في مقهى القسيس، المعروف باسم “قهوة العكاكوي” وكان للمقهى نصيب من ريشته، التي خلدت ذكراه، وذكرى رواده، في العديد من لوحاته. يجالس أبناء شعبه بتواضعه الشامخ. لم يتقن تجارة الفن. ولا تزلف لأي جهة أو أحد! ولم يكن همه تسويق نفسه، وهو الملتزم الوطني حتى النخاع.
تعددت موضوعات لوحاته ومنحوتاته الخشبية، وإن بقيت تدور في فلك الوطن، من طبيعة وتاريخ، وعادات وتراث. لوحات تزخر بالرمزية والرموز التاريخية. وسمتها الظاهرة هي الشموخ والعنفوان والأمل.. ولخيبات الأمل والكبوات، نصيب من ريشته!
خيبات المسيرة، رافقها خيبات فقدان جزء كبير من انتاجه الفني. ففي العام 1982، وخلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان، تم تدمير معرضه، الذي أقيم في صالة الكرامة، في منطقة الجامعة العربية.
في العام 1987، وحين اجتاحت المليشيا “الحضارية”، مخيمات وبيوت الفلسطينيين في لبنان، تعرض الفنان الكبير، لضرب مبرح على رأسه، أدى الى كسر نظارته، التي استقر زجاجها في عينيه، ما أدى الى فقده البصر! فأصاب اليتم ريشته وإزميله، وبقيت كلماته التي خطها خواطر بنفس شعري راق، وتستحق النشر.
وفي العام 2006، طال القصف المنطقة حيث يسكن، فسقطت ستة وعشرون لوحة، بين شهيد وجريح، بحاجة لعناية صاحبها، لكن ريشته كانت قد فقدت بصرها!
الصداقة التي ربطتنا به، أتاحت لي معرفته عن كثب. وأعرف قصة رجل الأعمال الخليجي، الذي جاء به المهندس الذي يشرف على بناء قصره، الى بيت الفنان لشراء عدد من اللوحات. اختار الرجل عددا كبيرا منها. دون نقاشه في أسعارها. لكن طريقة شرائه واختياره للوحات، جعل الفنان، يعتذر بهدوء وتهذيب: أن ليس لديه لوحات للبيع! لاحقا أخبرني ابنه مدى خيبة عائلته من موقف أبيهم! فالمبلغ كان خياليا في ذلك الوقت.. وقد منت العائلة النفس بدفع أقساط جامعة أبنائهم.. ونظرات عتب الابن، أجاب عليها الأب: بكرا بقولوا الله يرحمه كان نظيفا!
أهداني لوحة بعنوان: ربيع عكا.. لوحة رمزية، احتضنت فيها الشمس المدينة الزاهية. أردت شراء لوحة أعجبتني. اضطررت للكذب بأن أحدا ما كلفني بشراء لوحة له! كانت اللوحة بعنوان “النورس العائد”.
مرض الفنان المسكون بعكاه وبكامل وطنه، ولم يملك تكاليف العلاج. عرفت منه أن مستشفى قلب يسوع، في المنطقة الشرقية من بيروت، قد قام بعلاجه، وتقديم الأدوية! عصر كل يوم يبدأ دوامه في مقهى القسيس. بقي على وفائه لأهله وناسه. وحفظ الطريق ما بين البيت والمقهى. ذات مرة سمع وقع خطى تتبعه. التفت خلفه وسأله ماذا تريد مني؟ أجاب صاحب الخطوات: أريد أن أطمئن على وصولك سالما الى البيت، فقد رأيتك في المرة السابقة تتعثر وتقع!
أخبرني ابنه وبعض أقاربه عن لحظاته الأخيرة… اعتدل في جلسته، وطلب سيجارة.. وأثناء نفث دخانها سأله قريبه: لو قدر لك العودة للحياة مرة ثانية.. فهم الفنان قصده وأجابه قبل أن يتابع كلامه: لو عدت للحياة ثانية، فلن أغير من حياتي شيئا.. وسأمارسها بالطريقة ذاتها.. ثم نام.
يوجعني أن هذا الفنان الكبير، لم ينل الشهرة والبحبوحة المادية التي يستحق! سلام لك وعليك في عيدك. الرحمة والسكينة لروحك، حقا عشت ومت نظيفا.



