• 8545141
  • 9814564

خُطُواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ / للشاعر الأديب: وهيب نديم وهبة بقلم: وجدي خليل حسون

غلاف خطوات

خُطُواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ /

للشاعر الأديب: وهيب نديم وهبة

بقلم: وجدي خليل حسون

صدر للشّاعر الأديب المسرحي وهيب نديم وهبةالمطوّلة الشعريةخطوات فوق جسد الصحراءالطبعة الأولى لمسرحة القصيدة العربية، عام 1999، عن دار روان الفلسطينية الرام / القدس.

بعدها توالت الإصدارات والترجمة وصدرت الطبعة الثامنة عام 2021. بعد قارئتي للكتاب رأيتُ أن اكتب هذه الانطباعات حول هذه الرائعة الأدبية (الإنتاج الإبداعي الرائد المتميز)

إن الكتاب بروعته وسمو أفكاره وعمق مغزاه جعلني وأنا أتابع صفحاته كمن يجوب في رحلة فريدة شيّقة عبر صفحات التاريخ الحافل. التاريخ المجيد للأمة العربية والإسلامية في شرقنا الواسع والأندلس البعيدعبر عديد المراحل ومختلف الأحداث والأزمان، يطالعنا في الاقتباس التالى من القصيدة، بهذه العبارات الساحرة.

خُذْني… / أُجاوِرُ خُطُواتِكَ في ليلِ الْغُربةِ وَالتَّرْحَالِ

خُذْني معَكَ / أدْخُلُ خَيمةَ التّاريخِ /

عَباءَتي الشّمسُ والصّحراءُ يدي

وأصابعي أَودِيةٌ دائمةُ الْجَرَيانِ بالْحِبرِ والْكِتابةِ

ويصف الشاعر في مكان آخر ما آل إليه الزمان الحاضر.

أُسْنِدُ رأسي على فراغِ الْفضاءِ… / أعرفُ أسماءَ الرّملِ

والْحَصى / وأصدافَ الْبحرِ

والْكهفَ ومغارةَ الْجِنِّ / وتأبّطَ شرًّاوالْغولَ /

أعرفُ أنَّ إقدَامَكَ فوقَ الْأرضِ هَباءٌ

وما ملكَتْ يداكَ / وأنَّ كلَّ الْأرضِ وما عليها هيَ الرُّبعُ الْخالي

ثم يتابع الشّاعر القول على أمل ظهور الحق في آخر الزمان، والحق جبروت الله، حين تبعث الملائكة رحمةً وهدايةً للعباد:

والْملائكةُ على أجمَلِ غُصنِ بانٍ

تَهمِسُ للْهَوى… / للْهُدى

نَبيٌّ سيأتي افرشُوا الصّحراءَ بالْوردِ 

بالْمِسكِ والزّعفرانِ

وتطيرُ اَلْمَلَائِكَةُ الْخمسةُ بَيْنَ اللّغةِ وَالْمَعْنَى /

تُحطُّ على سُعفِ النّخيلِ

تشدو…”

ثم يمجّد الشّاعر تاريخ وحضارة الأمجاد من الأسلاف العظماءتلك الحضارة التي وهبت للعالم العلم والإبداع والفنون العربية والإسلامية الراقية:

* حضارةٌ ساميّةٌ ازدهرَتْ على ضِفافِ الرّافِدَيْنِ وفي وادي النّيلِ

وعلى شواطئِ الْبحرِ المتوسّطِ الشّرقيّةِ.

ولم ينسوكيف ينسى المجد الرفيع العالي الخالد الذي بناه الأجدادالأمجاد في الأندلس وتندمج العناصر الجمالية في بناء المجد ما بين المغرب العربي والإشارة إلى الشمال:

بَصَماتُ عَبَقِ التّاريخِ يفوحُ هناكَ في الشَّمالِ /

يَدِي ما عانقَتِ الرّيحَ /

كانَتْ تَنْزِلُ عندَ خَصْرِها إلى وادي الذّهبِ /

وترتفعُ يدي وأنا في الْجنوبِ /

وهي تَدخلُ إلى منطقةِالدّاخلةِ / أنتِ لي /

أنتِ لي… / مدينتي الْقادمةُ منْ إسبانيا

وها هو الشّاعر يذكر البصمات للفيلسوف أفلاطون (وهي حالة من حالات تكوين معالم القمر) على مدى صفحات التاريخ البشري فيقول:

أيُّها الْقَمَرُ / السَابِحُ في الْفضاءِ /

يَسبَحُ فيكَبحرُ الْأمطارِ” /

أنتَ الْغامِضُ

السّاكنُ في اَلْمَجْهُولِ /

لا شيءَ وُلِدُ إلا في باطنِ الْأشياءِ /

أدخلُ في مداراتِأفلاطونَ

ذاتِ الْقاعِ اَلْمُظْلِمِ، / بَيْنَبحرِ الْأمطارِ ” “وبحرِ الصّفا /

وأسقطُ مِنْ عواصفِ الْبحارِ إلى بحرِ السّكونِ“”

ويتوّج هذا الإبداع حين يبدع الشّاعر في رسم الصورة الشّعرية المتألقة، المأثورة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول:

فتحَتِ السّماءُ أبوابَ الْجنّةِ /

وخَرجَتْ للعالمينَ رسولا /

مِنْ أبوابِ سماءٍ عُلويّةٍ

هتفَ صوتُ جبريلَ في الْغارِ / زَمِّلوني /

هوَ صوتُ الْحقِّ يهدُرُ كالْعاصفةِ

هوَ أنتَ سيّدُ الْأرضِ / خرجْتَ رسولا /

وأُنزِلَ عليكَ الْكتابُ

* اقرأْ باسمِ ربِّكَ الّذي خَلَق

وفي موضع المشاهدة، نشاهد أو نكاد نشاهد صورة حية ليوم القيامة كما صوّرها شاعرنا الملهم حين قال:

تجَمَّعَ السَّحابُ فوقَ سَمائي / مسائي قميصٌ شفّافٌ أزرقُ /

يُغطّي جسدًا مبتلّا أبيضَ

يَعْرِفُ أنَّ الْغيمَ سيُمطِرُ / بالْأحمرِ يهُزُّ بستانَ الْأرضِ

وكم هي رائعة، حين تحمل كلمات الشّاعر جوهرة البلاغة الأسلوبية، فيما يتعلّق بالرسالة السماوية التي تؤدّي أمانة التوحيد والعبادة لخالقنا سبحانه وتعالىكذلك يتجسد في دواخل النص المنطق والحكمة.

تتجلّى الوقائع التاريخية الإيمانية وتعلو وتسمو في القصيدة، حين يكتب الشّاعر عن الواقعة الخالدة لدور الصحابي سلمان الفارسي في معركة الخندق، حين نصر المؤمنين على أعداء الله فيقول:

قَمَرٌ  / يَدخُلُ كالرّيحِ بَيْنَ أصابعي /

يَرفَعُ أصابعي الْخمسَةَ في الْهواءِ /

ويُشيرُسلمانُ الْفارسيُّبِحَفْرِ خَنْدَقٍ حولَ الْمدينةِ /

خرَجَتِ الْوثنيّةُ لحربِ اللهِ /

وخرجْتَ أنتَ مِنْ عندِ اللهِ / رسولًا منصورًا

وكم هو رائع وعميق كلام الشّاعر حين قال:

جُنوني في سَفري طفلٌ شُرِّدَ مِنّي ذاتَ زمانٍ /

تحرّرَ مِنْ قَبضةِ الزّمنِ لعِبَ بالْوقتِ إلى الْوراءِ /

جَمَعَ عقاربَ السّاعةِ ودورانَ الزّمنِ في حقيبةٍ /

هيَ خَيْمةٌ منصوبةٌ في تلالِالْوادي الْخصيبِ /

وسافرَ في التّوقيتِ الْآتي…”

ختامًا

أرسل إلى صديقي الشّاعر وهيب وهبة أصدق مشاعر الإعزاز والتقدير، أملًا  أن يستمرّ على نهجه الفكري الأصيل أسلوبًا وفحوى في رحلة الإبداع الأدبي الرائع التي يتحفنا بها، ونحنُ أحوج ما نكون إلى ترسيخ القيم والعودة إلى الجذور والانتماء والأصل ودعم الحركات العلمية الفكرية في شرقنا الحبيب.

  • وجدي خليل حسون كاتب لهُ عدة إصدارات – مدرّس سابقا وإمام حاليًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار
  • اعلان مربع اصفر
  • عكانت مربع احمر