بِنَظرَة ثاقِبَة!

 

كنتُ أودّ لو أنّني وُلدتُ في مُجتمع نظيف لأتكلّم وأكتب عنهُ بكلّ فخر وَعزّة!
كنتُ أودّ أن أمْشيَ شامِخة كَوْني آتية مِن مُجتمَع راق مُثقف!
ولكن لمْ يُحالفني الحَظ لأنّني وُلدتُ في أسوَء المُجتمَعات وَأكثرَها إنحطاطا للأخلاقيّات!!
تربيّتُ وترعرعتُ ما بَينَ المَكر وَعَكّا, عَكّا التي سَكنتني قبلَ أن أسكنَ وأستقرّ بها, عَكّا الفِكرة التي كنتُ قد وَرَثتها عَن الوالد, عَكّا الصّورة الجَميلة, الكلمَة الطيّبة والأرواح المُمَيّزة المليئة بالشّفافية وَالحُب, هذهِ عَكّا التي أنا قد وَرَثتها وَعَكّا التي سَأصِفُ حالَ البَعض مِن أهلها الآن هِيَ التي نَراها اليَوم عَلى أرض الواقِع المُؤلم.
بَعض مِن المُنافقين المُتخلفين الجُهَّل, يَفتكُ بهم العُنف وكأنهُ يَجري في شَرايين دَمهم وَكأن العُنف نَوع مِن الجينات عِندَهم, تدُبُّ الغيرَة في صُدورهم إذا ما لمَحوا أحدًا أعْلاهم شأنًا واحترامًا مَع العِلم أنهُ بإمكانِهم العَمَل عَلى أنفسهم ليَكونوا مِن أفضل الناس!
أغلبيّة ساحِقة لا تعرفُ الحَق! وَتهرول وَراء الضّلال المُخيف مُتناسيَة الله وَحُكمهِ وَعَدَم رضاه عُن كلّ تلكَ الأعمال الهَمجيّة بحَق الإنسان وَالبَشر.
تأخذهم المَظاهر الكاذبَة وَالخدّاعَة, لكنهُ ليسَ بشَيء غَريب فما سَيكون الجَديد عَلى أناس لا وَعيَ لدَيهم ولا ثقافة ولا حُب مَعرفة حَتى أو تعَمّق في الأشياء وَالأخبار وَالحَقائِق!
قلة قليلة هُم مَن يَقرؤون الكتب, وَيَكاد لا يَتجاوزون عَدَد أصابع اليَد مَن هُم ذوي البَصيرَة!
التكنولوجيا المُسَيَّسَة تُسَيّرهُم إلى حَيثُ يَشاء غَيرهم, يُساقون وَكأنهم قطيع مِن الخِرفان وَراء كلّ ما هُوَ فارغ وَتافه وَعَنيف.
البَطالة تسْتشري وَتُحيط بأغلبيّة الشّباب ليَركضوا بمَنظر مُخز إلى مُخصّصات التأمين! أهذهِ هِيَ الرّجولة بنظركم؟؟؟
أتعجّبُ لشاب طويل عَريض, يتسكّعُ كلّ النّهار وَيَنفش بريشهِ أمامَ الفتيات, وَفي النهايَة يَذهب إلى التأمين كالوَلد الصّغير ليَقبض مَعاش هُناك مَن هُوَ أحَقُّ مِنهُ بذلكَ المَعاش حَتّى!!
أهذهِ هِيَ الرّجولة؟ أن نُدخّن؟ أن نَضرب؟ أن نطلق الرَّصاص؟ أن نَعطب إطارات السّيارات؟ أن نَسرق؟ أن نتفوه بكلام بذيء يَدلّ عَلى تدني المُستوى؟ إذا كانَت هذهِ الرّجولة في نظركم فعَلى الدّنيا ألف سَلام وَسَلام.
خَزاكُم الله مِن بَين الشّباب وَالرّجال حَقا.
أمثال هؤلاء الشّباب هُم عارٌ عَلى المُجتمع وَأكبر عِلة.
إذهَبوا واكدَحوا واعمَلوا واحصلوا عَلى رزقكم مِن تعبكم وليسَ من إطارات السّيارات المُمزّقة.
أتركوا أرزاق النّاس فهذهِ ليسَت مُلككم أيّها السّارقون.
إذهَبوا واعمَلوا عَلّكم تملؤون فَراغكم يومًا ما بشَيء صالح وَمُهم وَمُفيد.
عَلّكم تضَعون في جَيبكم قرشًا حلالاً يَنعم بهِ أطفالكم يومًا ما وَيَحميهم مِن شَقاء دَعَوات الآخرين عَليكم.
أتركوا أعراضَ الناس فأعراضكم أيضًا تُنهك وَأنتم نائِمون في سُبات الجَهل!
إذهَبوا واعمَلوا في أعمال شَريفة عِوَضًا مِن أن تكونوا سِلعة تُشتَرى وَتُباع بأرخَص الأسعار مِن قِبل الغَير.
إذهَبوا وَاكدَحوا واعرفوا مَعنى لقمَة العَيش الحَقيقيّة, ليسَت تلكَ التي تُجنى عَن طريق “الخاوا” وَمال الحَرام!!
إذهَبوا واتعَبوا عَلّكم تَعرفون مَعنى آخر للحَياة وَطعمًا نقيًا صافيًا غير الذي تَعَوّدتم عَليهِ مِن مَلذات دَنيئة تحمِلُ مُستوى كلّ شَخص فيكم!
كانَ يُؤلمني دائمًا كِتابَة أيّ شَيء سَلبيّ عَن بَلدي وَعَن مَدينتي الحَبيبَة حَتّى باتَ كلّ شَيء فيها تقريبًا سَلبيّا وَلا يُمكن تجاهل كِتابة كلّ هذهِ الحَقائق المُخزيَة فعلاً.
أكادُ لا أصدّق أنّني أكتبُ كلّ هذا عَن مَدينتي وَأهلها!!! الوَضع مُؤسِف فِعلاً وَمُخز.
نَحن بحاجَة بالفِعل للتفكّر وَلحَلّ الأمور بنظرَة ثاقِبة هذا إذا ما وُجدَت حُلول أصْلاً!!

بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان.عَكّا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007. يرجى ارسال ملاحظات لـ akkanet.net@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد الأخبار
٣٤٤٣٢