“يا سلام على ليالي رمضان.. ولمة ما بعد الإفطار”.. “ليالي رمضان نكهة منقطعة النظير”.. ” ليالي الشهر الكريم روحانيات وعبق من الأنس ومتعة”.. عبارات عدة تسمعها في إطار ليالي هذا الشهر. فما الذي يتغير في هذا الشهر بالذات؟ ولماذا تتلبس الأمكنة والأوقات بروح ونكهة مختلفتين تحديداً في هذا الشهر؟
ما بعد الإفطار بوقت وجيز، تحث الخطى وتنطلق السيارات نحو المساجد المزدانة بذكر الله، حيث تطلق المآذن فيضاً من روحانيات الشهر الكريم بترتيل القرآن والأدعية في صلاة العشاء والتراويح، فتتشبع القلوب والأنفس والشوارع والأزقة بما تنفثه هذه المآذن من روحانيات.
وعند الانتهاء من الصلاة، تنطلق ليالي الأنس والمتعة لتنهل من خصوصيات هذا الشهر ومذاقه ونفسه الخاص، وهنا تعتبر المقاهي مكان يطيب فيه السهر للعديدين الذين يجدون فيها برمضان إحساساً مختلفاً وجواً لا يشبه أجواء المقاهي على مدار السنة.
في المقاهي الرمضانية يتجمع الأصدقاء على الموعد، أو صدفة، ويجلسون لتبادل أطراف الحديث والتسامر والتمتع بمشروبات وحلويات تخص عادة هذا الشهر وتميزه عن سائر أشهر السنة.
أما إذا كان الموعد المحدد في المقهى بين الأصحاب، مرتبطاً بمتابعة مباراة ما أو حدث مميز فإن الجلسة تصبح أكثر متعة وتشويقاً للكثيرين.
والجميل أن لكل مقهى رمضاني في مدينة عكا ، نكهته ومشاربه ومأكولاته الخاصة، وتشترك جميعها في تقديم القهوة والشاي والاراجيل والعصائر على انواعها، فإن نكهة هذه المشروبات تختلف بينها وتمنح الجلسة الرمضانية فيها ذاكرة من الروائح والمذاقات التي تظل عالقة في ذكريات أيامنا.
فرائحة الهيل المنبعثة من القهوة الشرقية عطر ينعش ليالي رمضان في المدينة القديمة ، أما رائحة ماء الورد والزهر وقشور البرتقال فعطر خاص للمقاهي ،وخاصة في مدينة عكا ويبقى الشاي مع النرجيلة، زينة الجلسة وهذا ما ينطبق تماماً على الحلويات الشرقية والعصائر الرمضانية المنعشة التي تجعل من هذه التجمعات في المقاهي ممتعة ومؤنسة، وفي إطار هذه الجلسات يدفع المتسامرون عن أنفسهم بأعباء إجهاد يوم كامل من الصوم والعمل ويطلقون العنان للضحك والتسامر والمقالب بينهم والفكاهة على بعضهم البعض.
وما يجعل بعض المقاهي الرمضانية أكثر خصوصية وتعلقاً بهذا الشهر وجلساته التي تذكرنا بأجواء الأجداد وأيامهم الخوالي، هو قصد البعض لمقاهي تقع في قلب المدينة القديمة لعكا ، حيث يحرص الكثيرون على التواجد في رمضان أساساً في هذه المقاهي التي يضج بناؤها العريق وديكورها العتيق برائحة الماضي وتعمق الروائح والمعطرات وطبيعة الشيشة والعطور التقليدية التي يستقبل بها زوار هذه المقاهي وحتى لباس النادل وغيره، بصوت الماضي فيعلوا إحساسهم بالعبق المتفشي لهذا الشهر الكريم المتفرد.
مجموعة كبيرة من الصور لخان الشاه وردة في ليالي رمضان….