تُشكل التفقدات الميدانية الفلسطينية جدارًا حصينًا يحول دون تصرف ما تسمى “دائرة أراضي إسرائيل” بجامع وقبور قرية المنشية المهجرة قضاء عكا في الداخل الفلسطيني المحتل.
وبالرغم من أن تخوف السلطات الإسرائيلية من التصرف بمقبرة وجامع القرية، غير مرئي أو ظاهر، إلا أنها تعاني منه، في معركة خفية بينها وبين أبناء الأرض .
وتُعد أراضي قرية المنشية الواقع شمال شرقي عكا، مصادرة بالنسبة للقانون الإسرائيلي، ضمن ما يسمى “قانون أملاك الغائبين”، وهي تقع تحت تصرف “دائرة أراضي إسرائيل”.
هذه الملكية المزيفة، لم تكن لتجعل هذه الدائرة تتصرف بأراضي القرية، وهي تحسب حسابًا لزيارات فلسطينيين نصبوا أنفسهم حراسًا لأموات المقبرة، وقدسية جامعها، كما يؤكد مسؤول مؤسسة متولي الوقف الإسلامي في عكا سليم عدنان نجمي.
معركة خفية
ويقول نجمي لوكالة “صفا” “إن القرية على موعد من زيارات ميدانية، نستطيع القول إنها خفية، لا يعلمها أحد، إلا بعد إتمامها، وهذا سرّ نجاح حمايتها، وأوقاف أخرى مهجّرة”.
ويضيف “بعد موسم الأمطار القريب بالمنطقة، وهو الموعد السنوي لنا فيها، سينبري متطوعون بشكل جماعي إلى أرض القرية، وسننفذ عمليات تنظيف وترميم وإصلاح فيها”.
وبنيت قرية المنشية على موقع يقال له “دبّة النملة”، أما اسم “المنشية” فهو مشتق من منشأة – أي إنشاء جديد، وهذا لأنها أنشأت بعد فتح عكا من قبل القائد صلاح الدين الأيوبي.
قبور أموات القرية الذين يلغون الأوراق المزيفة التي تتذرع فيها “دائرة أراضي إسرائيل” لوضع يدها على أرضها، ما تزال تقف صامدة بشواهدها، بفضل تلك الجهود.
ويقول نجمي عنها “يقوم أبناء الوقف بعمليات ترميم للمقبرة وتنظيف، خاصة وأن الأمطار وعوامل المناخ، تتسبب بإزاحة بعض الحجارة أو قد تؤذي بعض الشواهد، وهو ما نصلحه أولًا بأول”.
وكانت “إسرائيل” هدمت قرية المنشية، ولم يبق سوى معالمها البارزة وبعض المنازل، وأقامت أحياء سكنية للإسرائيليين على موقعها، ويوجد فيها المقام البهائي وحوله حديقة البهجة، وبها أيضًا “الإصلاحية” التي استعملها الاحتلال كمقر عسكري لفترة قصيرة، وعادت عام 1953 للعمل كمدرسة للأحداث وهي كذلك حتى اليوم.
زمن الاعتداءات “ولى”
أما مسجد المنشية فلا يزال قائمًا أيضًا، لكنه مغلق ومحاط بسياج، بعد أن كان مستباحًا ومهملًا لسنوات عديدة منذ احتلاله، وفق نجمي .
ويؤكد أن المسجد سبق وأن تعرض لعدة محاولات اعتداء وهدم وحرق من جماعات المستوطنين، فيما لا تزال المقبرة ظاهرة للعيان، وبها شاهد عليه كتابة بالتركية تعود إلى القرن الثامن عشر ومحاطة بسياج ، هذا بالرغم من اقتطاع اقسام من اطرافها لتعبيد شوارع تخدم التوسع الاستيطاني في المنطقة .
وحسب نجمي، فإن “زمن الاعتداءات عليها ولى، فالمتطوعون يرقبونها، وإن كانت الرحلة إليها سنوية، ويجرون أعمال الترميم والتنظيف .
ويشدد على أن ما يتم إجراؤه مهم “حتى تبقى ذكرى القرية حية، ولكي تعلم السلطات التي تتردد على أراضيها، بأن وراءها أهل يحمونها”.