“صراع الاقنعة”…. بقلم: سليم السعدي
” صراع الاقنعة:”
بقلم : سليم السعدي
” صراع الاقنعة:”
لماذا يفوز المتسلقون ويموت المحتشمون في ساحة الفن والسلطة ؟”
في زمن الوقاحة : يلي استحوا ماتوا فعلا ! هذا المثل الشائع اصله يعود الى قصة حدثت في دمشق ، حين اندلع حريق في احد الحمامات العامة ، فهرب الناس عراة كما هم لانقاذ حياتهم ، بينما بقي من استحوا ان يخرجوا بلا ثياب ، فماتوا وسط النار ، ومن يومها ، صار يقال هذا المثل كلما راينا ان من يتحلى بالحياء والكرامة يموت بصمت ، بينما ينجو من لا يخجل من شيئ .
ولكن ، ماذا عن زماننا ؟
ننظر حولنا اليوم ، فنرى ان هذا المثل لم يعد حكاية بل صار قاعدة اجتماعية ! في دوائر العمل ، في السياسة ، في الاعلام ، في كل مكان تقريبا تجد ان الوقاحة صارة ميزة تنافسية ، والتملق صار مهارة يدرس ، والكذب يبرر بالذكاء الاجتماعي .
اما من يتحلى بالحياء ، من يرفض ان يركب موجة النفاق ، من يصر ان يمشي مستقيما ولو خسر … فغالبا هو من يستعبد ، يتهم بالجمود ، يدفن تحت رماد المشهد الصاخب . ”
المتسلقون هم من نجوا ”
الذين لا يخجلون من اقتناص جهد غيرهم ، من قلب الحقائق من تلميع انفسهم امام كل من يملك سلطة __ هؤلاء الذين لا يعرفون حياء ، هم من يتسلقون ويتصدرون . وبصراحة ، يبدو ان الزمن صار يكرم من لا بحمر وجهه ومن لا يثنيه ضمير عن ان يدوس على اكتاف الاخرين .
لكن ، هل الصورة مكتملة ؟
ظاهريا نعم . من لا يستحي ، يمضي ، ومن لديه الخجل ، قد يتعثر او يقصى . لكن الواقع يظهر شيئا اخر على المدى البعيد :
من يعيش بلا حياء ، يعيش بلا جذور .
ومن يبني مجده على الوقاحة ، ينهار عند اول اختبار حقيقي ، حين لا تنفع الاقنعة ولا الكلمات المعسولة .
المتملقون : اي الاشخاص الذين يجاملون بشكل مبالغ فيه للوصول لمصالح شخصية ، المصطلح المستخدم لوصفهم :
بالعربية نقول عنهم :
انتهازيون .
متسلقون ( بالمعنى المجازي) .
الوصوليون
واحيانا الطفيليون الاجتماعيون .
١ استغلال الفرص على حساب الاخرين
٢ التقرب من اصحاب النفوذ او الناجحين لا لمودتهم بل لتحقيق مصالح شخصية .
٣ التملق والنفاق لنيل رضا اصحاب السلطة او المال .
٤ التنصل من المسؤولية عند وقوع الازمات .
٥ ادعاء الانجاز رغم ان العمل قام به غيرهم .
في الثقافة :
. كثير من الادبيات ( خاصة النقدية ) تهاجم هذه الفئة .
. في الاعمال ، السياسة ، وحتى في النشاطات الاجتماعية تراهم يتنقلون من ظهر شخص الى اخر ،
. في الانجليزية يطلق عليهم مصطلح ” opportunists او ” ladder climbers ” المتسلقون لا يصنعون قمما ، بل يبحثون عن اكتاف عالية ليرتقوا فوقها ، يختبؤن خلف جهد غيرهم ، ويتزينون بعرق الاخرين كان المجد يشترى بالنفاق والتملق لا بالكد والتعب ، يسيرون بين الناس بوجهين : وجهه يبتسم للضحايا ، ووجه يلهث خلف السلطة والمصلحة . لكنهم ينسون ان من يبني صروحه فوق اكتاف غيره ، سيهوي بها يوما حين تنهار الثقة وتنفضح النوايا . ” هذه ظاهرة للوجوه الصاعدة بلا جذور
في كل مجتمع ، في كل مؤسسة ، بل في كل دائرة صغيرة ستجدهم هناك : هم اولئك الذين لا يملكون سلما من تعبهم ، فيبحثون عن اكتاف الغافلين ليصعدوا عليها ، لا تصدق ابتسامتهم العريضة ولا كلماتهم المعسولة ، فليس الهدف مودتك ، بل موقعك يتفنون فن الاصطياد في الماء العكر ، يتقربون ممن يرون فيه فائدة ، ويمتطون جهد المجتهدين كما يمتطي الفارس جواده ، لكنهم لا يحملون سيف الشجاعة ولا درع الامانة .
. يبرعون في التملق ، لا لطيب قلب ، بل لحساباتة الدقيقة .
. ينسبون لنفسهم ما لم يصنعوه .
. يظهرون في الصفوف الاولى حين يحين قطف الثمار ويتوارون عند زرع البذور وسقي الارض .
. ولاؤهم لا للاشخاص ، بل للمصلحة واخلاقهم مرنة بقدر ما تخدمهم .
لماذا هم خطر ؟
لانهم لا يبنون مجتمعا صحيا ، بل يهدمون قيمة العمل الحقيقي ، يخلقون بيئة بكافا فيها الصوت العالي والوجه الباسم على حساب الجهد الصامت ، هم مثل الطفيليات التي لا تعيش الا على جسد غيرها فتنهكه مع الوقت .
لكن الحقيقة ؟
لا احد يستطيع التسلق طويلا دون ان تنكشف يديه الفارغتين ، من يتعود ان يصعد على اكتاف غيره ، يظل دائما معتمدا على من تحته ، وعندما يقرر اصحاب الاكتاف ان ينتفضوا او يسيروا بعيدا ، يسقط المتسلق سقوط مدويا .
خلاصة الحكمة :
” من بنى مجده فوق جهد غيره تهدم عليه او ريح ، وحده من تعب بقدميه يعرف كيف يقف ثابتا ” .
امل ان تصل رسالتي هذه كي يبنى مجتمعا سليما ناضجا عاقلا يعمل فيه اعمال صالحة تخدم الجميع ولو تطوعا وان يبنى بيت نظيف خالي من الذين يتملقون ويتسلقون على جهد الاخرين ، لكي يسيؤون للذين يبنون جهدهم ووقتهم لشعبهم ، من اجل مجتمع ناضج وسليم ويقدر الاشخاص الذين بذلوا ويبذلون جهودهم لخدمة شعبهم لا للمنفعة الشخصية ، ادعوا جميع كل من له قدرات علمية ، فنية ، سياسية ، اجتماعية ، ان تجتمع لبناء بيت واحد خارج نطاق الجمعيات التي نزفت وقطعت اواصل مجتمعنا وجعلته فرق واحزاب ومزقت النسيج الاجتماعي حتى ظهرت فينا الانانية والحسد والغيره ، وتركنا تطلعات شعبنا الذي ينزف دمه على مائدة حكومة فاشية ، تلك الجمعيات لا فائدة منها ، هي فتنة وتقطيع اواصل شعبنا كي يبقينا متفرقين ، وحدتنا هي بالعمل الجماعي ، بالاخلاق والقيم التي تربينا عليها ، لا فرق بين عربي او اعجمي الا بالتقوى , فاتقوا الله فيما انتم فاعلون ، اقتراحي انشاء بيت الفن او دار الفن ينتسب اليه كل اطياف ومركبات ابناء شعبنا ، وهذا البيت يحضن الجميع دون تفرقة او تحزب ويعمل هذا البيت على توحيد الهمم والاعمال لكي يكون منارة مضاءة لمجتمعنا وحصن منيع لكل عابث فيه ، ينقل رسائله بالحب والعطاء ويكشف خبايا النفاق والمؤامرات ويطلعنا على كل صغيرة وكبيرة ليعطينا امل الحياة ، كذلك في جميع المجالات والاصعدة ، ان كان سياسيا ، او اجتماعيا ، او انسانيا ، يجب التخلي عن الاحقاد الشخصية والالتفاف حول قيادة رشيده حكيمه تدير شؤون شعبنا عن قرب ، لا من وراء جدران ومكاتب ، لكن من خلال لقاءات دورية والاطلاع على هموم المجتمع وحمايته من العنف والجريمة والقتل المحرم شرعا حينها سيامن المواطن وسيخرج بثقة تامة من كل الامراض الاجتماعية ، ومنها التسلق وسرقة خبرات وافكار واعمال الاخرين ، كي يلمع نفسه في المجتمعات ، وهو بذلك يقتل من حوله انفس طاهرة شريف تريد الخير للجميع